طلبات برلمانية بتأجيل تعديلات ضريبة الإرث في بريطانيا مدة عامين

طالب نواب من مجلس العموم (البرلمان) الحكومة البريطانية بتأجيل تعديلات ضريبة الإرث (ضريبة التركات) ليبدأ تنفيذها بعد أبريل (نيسان) 2027.
هذا ما خلص إليه تقرير للجنة شؤون البيئة والغذاء والزراعة، التي تضم نواباً من كل الأحزاب بما فيها حزب العمال الحاكم، في تقرير نشرت وسائل الإعلام فحواه الجمعة.
يرى التقرير أن تأجيل تطبيق تعديلات ضريبة الإرث، التي أعلنتها وزيرة الخزانة راتشيل ريفز في بيان الموازنة الأخير سيحمي المزارعين البريطانيين الأكثر تضرراً ويوفر لهم “مزيداً من الوقت للحصول على نصائح وإرشادات سليمة”، بخاصة أن تعديلات الضرائب التي أعلنتها حكومة رئيس الوزراء كير ستارمر جاءت من دون طرح مشاورات مسبقة تتضمن المعنيين بها ومصالحهم.
ونصح النواب أعضاء اللجنة المذكورة بأن تأجيل تنفيذ تلك الإصلاحات لنظام ضريبة الإرث على التركات الزراعية والصناعية “سيسمح بتشكيل أفضل للسياسات الضريبية ويوفر فرصة للحكومة لإيصال رسالة إيجابية في شأن رؤيتها الطويلة الأمد للزراعة في البلاد”.
وعلى رغم إشارة التقرير إلى أهمية إغلاق الثغرات في نظام ضريبة الإرث على الأراضي الزراعية والممتلكات الصناعية، فإن بيان الموازنة بتعديل نظم الضريبة لم يأخذ في الاعتبار وضع المزارعين ولا قياس الضرر المستقبلي على قطاع الزراعة. وحذر تقرير النواب من التبعات الخطرة على “مزارع الأسر وقيمة الأراضي الزراعية وعلى المزارعين المستأجرين وعلى الأمن الغذائي”.
ضريبة الإرث والمزارعين
حتى بيان الموازنة الأخير كانت تركات الأراضي الزراعية والمنشآت الصناعية معفاة من ضريبة الإرث التي تحصلها الخزانة العامة من تركة المتوفى بنسبة 40 في المئة. وفي سياق سعي حكومة ستارمر إلى زيادة العائدات الضريبية لسد فجوة العجز في الموازنة وتقليل حجم الاقتراض العام تضمنت موازنة راتشيل ريفز تعديلات عدة، منها تجميد حد الإعفاء لضريبة الإرث عند 325 ألف جنيه استرليني (432 ألف دولار)، بما يعني تحصيل مزيد من الضريبة بصورة عامة مع زيادة نسبة التضخم سنوياً. وألغت حكومة العمال في وقت سابق بصورة كاملة نظام “الإقامة غير الضريبية” لمن كانوا يسجلون إقامتهم الضريبية في الخارج، وكذلك ألغت إعفاء التركات الزراعية والصناعية من ضريبة الإرث.
وتقول الحكومة إنها أرادت سد ثغرة ضريبية يلجأ إليها الأثرياء بشراء الأراضي الزراعية لتفادي دفع الورثة ضريبة 40 في المئة على التركة، لكن في النهاية سيقع الضرر الأكبر ليس على الأثرياء الذين يستغلون تلك الثغرة إنما على المزارعين، من ملاك الأراضي والمستأجرين، بما يضر بقطاع الزراعة والغذاء بصورة عامة، وفي نهاية المطاف سيجد الأثرياء وسائل لتفادي دفع الضريبة على تركاتهم، أما الأسر في المناطق الريفية فلن تتمكن من ذلك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لذا، جاءت نتيجة مسح نشرت قبل أيام تفيد بأن نسبة 70 في المئة من المزارعين البريطانيين كانوا متفائلين بمستقبل القطاع الزراعي قبل إعلان الموازنة. وانخفضت تلك النسبة بعد إعلان الموازنة إلى 12 في المئة فحسب، وأعربت نسبة 84 في المئة من المزارعين عن تضررهم بعد إلغاء الحكومة حوافز الزراعة المستدامة إلى جانب إلغاء إعفاء ضريبة الإرث على الأرض الزراعية.
فقدان الثقة
يذكر تقرير اللجنة البرلمانية أن “الطريقة التي تصرفت بها الحكومة في الأشهر الأخيرة أضرت بوضوح بثقة المزارعين، فإلغاء الإعفاء من ضريبة الإرث على التركات الزراعية في موازنة الخريف، والإلغاء المفاجئ لبرنامج منح رأس المال في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، والإلغاء المفاجئ لمنح الزراعة المستدامة في مارس (آذار) الماضي أدت إلى شعور المزارعين بأنه لا يمكنهم الاعتماد على وفاء الحكومة بالتزاماتها تجاههم… مع ذلك يبدو أن الحكومة لا تلقي بالاً لقلق المزارعين وتتجاهل شعورهم هذا الذي عبروا عنه باحتجاجاتهم التي وصلت إلى وستمنستر”.
وفي وقت لا يجد المزارعون والبريطانيون الملتزمون القانون والباقون في البلاد طريقة لتخفيف العبء الضريبي الإضافي، يجد الأثرياء طريقة لذلك، ففي تقرير لصحيفة “فايننشيال تايمز” في عددها الأسبوعي تتحدث عن تخطيط الأثرياء إلى الإقامة خارج بريطانيا لمدة 10 أعوام ثم العودة إليها ليقضوا أقل من تسعة أعوام فقط بغرض تفادي دفع ضريبة الإرث.
بحسب التعديلات التي تضمنها بيان الموازنة الذي أعلنته راتشيل ريفز الخريف الماضي تطبق ضريبة الإرث بنسبة 40 في المئة على تركة المتوفى في الخارج أيضاً إذا قضى أقل من 10 أعوام مغترباً عن بريطانيا. وفي حال عودة المغترب بعد قضاء أكثر من 10 أعوام لا يبدأ احتساب ضريبة الإرث على تركته في الخارج إلا بعد مضي أكثر من تسعة أعوام على إقامته في بريطانيا، علاوة على أن ثروته في الخارج تظل معفاة من الضرائب مدة الأعوام الأربعة الأولى من إقامته بعد العودة.
وتشير شركات الاستشارات المالية والقانونية إلى أن الأغنياء من أصحاب الثروات يستهدفون الانتقال إلى مناطق مثل ميلانو أو بلاد الخليج العربية، إذ تفرض إيطاليا ضريبة ثابتة مرة واحدة بقيمة 200 ألف يورو (223 ألف دولار) على ثروة المنتقلين إليها، وهناك أيضاً إسبانيا التي تفرض ضريبة ثابتة مرة واحدة على ثروة المغتربين.