سندات التوريق.. رهان مصري جديد لتعزيز الإيرادات الدولارية
تتجه الحكومة المصرية لإصدار سندات توريق بضمان إيراداتها المستقبلية بالدولار، في محاولة لجذب سيولة سريعة بالعملة الصعبة تساعدها في الخروج من أزمتها الاقتصادية الخانقة.
سندات التوريق أوراق مالية قابلة للتداول تساعد الدول والشركات في تدبير السيولة بضمان أصول من الممكن توريقها وتكون تلك الأصول مضمونة عبر عدة طرق مثل العقارات أو غيرها.
وفي حالة مصر يعني هذا أنها ستجمع ديوناً دولارية بضمان نسبة من مصادر إيراداتها المستقبلية من العملة الصعبة مثل الصادرات و إيرادات السياحة و قناة السويس وتحويلات العاملين بالخارج والاستثمار الأجنبي المباشر.
وقالت الحكومة، في وثيقة لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء صدرت الشهر الحالي، إنها تدرس توريق بين 20 و25 في المئة من مصادر إيرادات مصر الدولارية لتوفير سيولة بالدولار وتنمية إيراداتها من العملة الصعبة بما يساعدها على تجاوز أزمتها الحالية.
وتخطط مصر لإصدار سندات تشتريها بنوك استثمار ومستثمرون دوليون بالعملة الأجنبية وفق ثلاثة سيناريوهات بعائد متوقع لهذه الإصدارات قد يصل إلى 10.1 مليار دولار سنوياً.
وتقول الحكومة المصرية إن لديها برنامجاً لزيادة إيراداتها من العملة الأجنبية لتبلغ نحو 300 مليار دولار بحلول عام 2030.
سندات التوريق المصرية
يقول علي متولي، الاستشاري الاقتصادي بشركة «آي بي آي إس» للاستشارات، لـ«CNN الاقتصادية» إن التوريق هو تحويل الأصول غير السائلة إلى أوراق مالية قابلة للبيع للمستثمرين، وعادة ما يكون هذا الأصل له تدفقات نقدية دورية.
ويضيف أن هذه طريقة لزيادة السيولة الدولارية بشكل فوري أو أسرع من المعتاد، خصوصاً في ظل الوضع الاقتصادي العالمي الصعب الضاغط على مصادر العملة الصعبة في مصر.
في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي أحمد شوقي، أن هذا الحل يبدو مؤقتاً لاستقطاب حصيلة من العملة الصعبة وليس حلاً دائماً لمواجهة نقص السيولة في مصر.
ويضيف لـ«CNN الاقتصادية» أن «إصدار سندات توريق يوفر سيولة دولارية، لكن السؤال هو: هل لدى مصر موارد دولارية مستقبلية تكفي لتوفير احتياجاتها بالإضافة إلى سداد قيمة السندات عند استحقاقها في ظل المشكلات الحالية في الاقتصاد المصري والعالمي؟»
وعادة ما تكون مدة سندات التوريق قصيرة أو متوسطة الأجل، إذ تتراوح بين عام وخمس سنوات.
ما مصادر مصر الدولارية القابلة للتوريق؟
يقول متولي إن الحكومة المصرية يمكنها توريق إيرادات شركات أو هيئات مختلفة مثل قناة السويس والهيئة العامة للبترول أو منشآت سياحية أو مشروعات في العاصمة الإدارية أو بعض الموانئ، لكن يجب أن تستهدف الحكومة طرح سندات التوريق في الأسواق الدولية للحصول على الدولار، وليس في السوق المحلية.
وبحسب شوقي، فإن بعض إيرادات مصر الدولارية الحالية تواجه تحديات مثل تحويلات العاملين بالخارج التي تعاني من انخفاض خلال الفترة الماضية وسيكون من الصعب الاعتماد عليها.
وأوضح أن الإيرادات القابلة للضمان في الوقت الحالي هي إيرادات قناة السويس إذ إنها شبه ثابتة، وكذلك الصادرات في حال نجحت خطط الحكومة المصرية لتنميتها.
وتواجه إيرادات قناة السويس تحديات خلال الفترة الحالية، نتيجة للاضطرابات في منطقة البحر الأحمر، ما دفع العديد من شركات النقل البحري العالمية لتغيير مسار سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح لتجنب المرور عبر مضيق باب المندب نتيجة استهداف الحوثيين في اليمن السفن التجارية.
لماذا تتجه مصر لتوريق مصادر إيراداتها الدولارية؟
تهدف مصر للحصول على سيولة دولارية بتكلفة أقل بعد انخفاض تصنيفها الائتماني خلال العام الماضي نظراً للمشكلات الاقتصادية، وفقاً لشوقي.
وخفضت وكالات موديز وفيتش وستاندرد أند بورز تصنيف مصر الائتماني مع اشتداد أزمة نقص الدولار واتساع الفجوة بين سعر الدولار في السوق الموازية والبنوك.
لكن نجاح مصر في توريق بعض مصادر إيراداتها الدولارية سيتوقف على الجدارة الائتمانية للأصول التي ستصدر مصر عملية التوريق بضمانها، حسب ما يقول متولي.
سندات التوريق سبباً في الأزمة المالية العالمية
عالمياً، اعتمدت بلدان كثيرة على إصدار سندات التوريق للحصول على سيولة، لكن التوريق كان محركاً رئيساً للأزمة المالية العالمية في 2008، عن طريق تحويل الرهن العقاري في ذلك الوقت إلى أدوات مالية أشبه بالسندات، وهو ما دفع العديد من المؤسسات المالية الكبرى بشتى أنحاء العالم إلى السقوط عندما انفجرت فقاعة العقارات في الولايات المتحدة.
فمع بداية انخفاض أسعار العقارات في أميركا، ارتفعت معدلات التأخر أو حتى التخلف التام عن سداد الرهن العقاري وهو ما أدى إلى تكبد بنوك وول ستريت خسائر هائلة في أوراقها المالية المدعومة بالرهن العقاري.
Source link