عربي

رغم تصدر المشهد عربيا وإقليميا .. قصة الترفيه السعودية لم تكتمل بعد

حين عزمت المملكة العربية السعودية على التوجه بقوة نحو تنويع مصادر الدخل وتفادي الاعتماد الكلي على إيرادات النفط المتقلبة، كان من الواضح ضرورة تفعيل مجالات السياحة والثقافة والترفيه، التي لم تستغل بالشكل الأمثل لأعوام طويلة جدا، على الرغم من وجود مقومات النجاح اللازمة كافة، من حيث الأماكن السياحية والآثار والبنى التحتية القادرة على استيعاب الحشود والزوار وغير ذلك من أصول ثقافية وإرث حضاري عميق.

120 مليون زائر

لذا فليس من المستغرب حين نجد أن عدد زوار فعاليات الترفيه في السعودية منذ 2019 تجاوز 120 مليون زائر، وعدد الفعاليات قارب تسعة آلاف فعالية والحفلات الغنائية الكبرى قارب عددها 1400 حفلة، وغير ذلك من مسرحيات وعروض وفعاليات وأنشطة متنوعة، وصلت إيراداتها مجتمعة إلى نحو 83 مليار ريال في 2022، شاملة ما تم صرفه من قبل السياح داخليا وخارجيا. واللافت للنظر في تجربة السياحة والترفيه السعودية الأخيرة أن النمو في نشاط القطاع ليس فقط من قبل الوافدين من الخارج، كما تهتم بذلك الدول السياحية حول العالم، بل إن هناك نموا كبيرا جدا في السياحة الداخلية والإقبال على الثقافة والترفيه، حيث نجد فقط في جانب العطلات والتسوق ارتفاع الإيرادات من 16 مليار ريال في 2018 إلى 44 مليار ريال في 2022.
السعودية لديها منظومة متكاملة للسياحة تتمثل في عدة كيانات رئيسة تقوم بالأدوار التنظيمية والتسويقية والتمويلية، على رأسها وزارة السياحة المنوط بها سن القوانين والأنظمة وإصدار التراخيص وجذب الاستثمارات، ثم هناك الهيئة السعودية للسياحة المنوط بها الترويج للسياحة محليا وعالميا وتهيئة الواقع السياحي من منتجات وخدمات ليتناسب مع رغبات السياح وتطلعاتهم. أما الكيان الثالث في منظومة السياحة في المملكة فهو صندوق التنمية السياحي وهو المسؤول عن الدعم التمويلي والاستثماري، سواء للمناطق أو المنشآت والأنشطة المتعلقة بالسياحة، في حين إن مجلس التنمية السياحي ومجالس التنمية السياحية في المناطق مسؤولة عن تحقيق المواءمة بين توجهات تطوير الوجهة في كل منطقة والاستراتيجية العامة لتنمية السياحة الوطنية والتنسيق بين الوزارات والهيئات. أما الهيئة العامة للترفيه فقد اطلعت بخططها التطويرية وبرامجها الفريدة، ونجحت – رغم عمرها القصير – في تقديم باقات ترفيهية لفتت الأنظار محليا وعالميا، وأصبحت فعاليات “موسم الرياض” هي الأشهر على المستويين العربي والإقليمي، ومن الأفضل تنظيما على مستوى العالم.
ما نراه من إقبال كبير على فعاليات السياحة والترفيه في المملكة، جاء نتيجة تلك الجهود والخطط الاستراتيجية التي تقوم بتنفيذها الجهات المعنية، فمنذ 2019 بدأت المملكة في استقبال الزوار والسياح بتأشيرة دخول صالحة لمدة عام كامل، تشمل بقاء السائح داخل المملكة لفترة 90 يوما متواصلة، كما تم إطلاق تأشيرة مرور جديدة يمكن من خلالها التوقف في المملكة لمدة 96 ساعة، بمجرد إضافة محطة توقف في أحد مطارات المملكة قبل وصول السائح إلى محطته النهائية، ما أدى إلى تسهيل زيارة المملكة وخفض كثير من التكاليف والإجراءات على السياح.
لا ننسى كذلك الجهود التكاملية الأخرى التي تؤدي في نهاية الأمر إلى تعزيز السياحة والترفيه، منها استضافة الأحداث الرياضية العالمية المختلفة كبطولة داكار الأضخم للمحركات ومسابقة فورمولا 1، وسباق “إكستريم”، واستضافة عديد من المناسبات الكبرى مثل كأسي السوبر الإسباني والإيطالي، وبطولات رفع الأثقال والملاكمة وكرة اليد الآسيوية وطواف السعودية، وكأس العالم للأندية 2023، ثم ما تم أخيرا تحقيقه من فوز في استضافة كأس العالم لكرة القدم 2034، البطولة الدولية الكبرى التي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم.

مفهوم الترفيه وجودة الحياة

من هنا، يتضح أن ما أحدثته برامج الترفيه في السعودية من تغيرات جذرية في مفهوم الترفيه وجودة الحياة، بعد أن سبقت وتفوقت على دول عديدة يعد قطاع السياحة والترفيه مصدرا رئيسا لدخل الدولة.
بحسب مجلس السفر والسياحة العالمي، هناك عدد من الدول التي تعتمد اقتصاداتها على السياحة بمفهومها الشامل، وبالذات في مجال التوظيف، حيث يقدر عدد العاملين في هذه المجالات بنحو 330 مليون عامل يضيفون نحو 10 في المائة إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي، لذا فهناك أهمية بالغة بهذه الأعداد الكبيرة من الموظفين، الذين يعتمدون على نشاط القطاع وازدهاره، ويتضررون مباشرة من أي توقف في نشاطه، كما حدث في 2020 بسبب جائحة كورونا. وقد كان التقرير السنوي لرؤية المملكة 2030 قد أشار إلى أن أكثر من 854 ألف وظيفة مباشرة تم شغلها في القطاع السياحي في 2022، متجاوزا 617 ألف وظيفة مستهدفة، كما أن وزارة السياحة السعودية تستهدف تحقيق 834 ألف وظيفة في القطاع خلال 2023، إضافة إلى العمل على إيجاد مسارات ومهن وظيفية جديدة بما يقارب 1.6 مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة.


Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى