عالمي

خطة العراق 2050 سترفع دخل الفرد السنوي إلى 50 ألف دولار

يبدو أن الحكومة العراقية عازمة على تعظيم إيرادات الدولة بالاعتماد على بدائل غير النفط الذي يعتبر المصدر الأساس لموازنة العراق المالية، وفق خطة حكومية تعتمد على جدول زمني يمتد حتى عام 2050، وتتمحور هذه الخطة على الاعتماد على الصناعة والزراعة لتحريك عجلة الاقتصاد والاستفادة من موقع العراق الجغرافي الرابط بين قارتي آسيا وأوروبا عبر طريق التنمية الذي يربط ميناء “الفاو” قيد الإنشاء بتركيا ومن ثم أوروبا عبر سكة حديد سيتم إنشاؤها لهذا الغرض.

العراق ممر لتجارة آسيا إلى أوروبا

كشف رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال حفل الإعلان عن الرؤية الاقتصادية للعراق لعام 2050، أن الرؤية تستهدف أن يكون العراق بوابة لعبور 20 في المئة من تجارة آسيا إلى أوروبا عن طريق التنمية وميناء “الفاو” وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل.

وأضاف أن مشروع طريق التنمية سيوفر 1.5 مليون وظيفة، ويحقق الاكتفاء الغذائي والمائي والطاقة بنسبة 70 في المئة من خلال مبادرات خضراء مستدامة، وتابع “جرى توقيع عقد استشاري بين وزارة التخطيط والشركة الاستشارية للمشاريع الضخمة (KBR) لتنفيذ مراحل التغيير وفق رؤية العراق 2050”.

الوقود الأحفوري

وأكد السوداني أنه “لا يمكن الركون للوقود الأحفوري كعامل أحادي للاقتصاد الوطني، فالتحولات التقنية والذكاء الاصطناعي غيرا شكل العالم”، معرباً عن أمله في أن يتحرر العراق من الريع النفطي بنسبة متقدمة من خلال اقتصاد متنوع ومستقر.

وينتظر العراق إكمال إنشاء ميناء “الفاو” الكبير الذي وضع حجر الأساس له عام 2010، وتنتهي مراحله الثلاث عام 2038 بطاقة تصميمية تبلغ 99 مليون طن سنوياً، فيما يتوقع إكمال مرحلته الأولى عام 2025. ويستهدف الميناء أن يكون معبراً للبضاعة القادمة من آسيا إلى أوروبا على أن تنقل البضائع بعد تفريغها بأرصفة الميناء عبر طريق بري داخل الأراضي العراقية بمسافة 1200 كيلومتر لتدخل بعدها الأراضي التركية ومن ثم إلى أوروبا بعد وصولها عبر “طريق التنمية”.

وبحسب ما أعلنته الحكومة العراقية حينها، فإن “طريق التنمية” المرتقب يتضمن إنشاء قطارات عالية السرعة لنقل البضائع بسرعة تبلغ 140 كيلومتراً في الساعة، فضلاً عن طريق بري مخصص للشاحنات، وتقدر الكلفة الكلية للمشروع بـ17 مليار دولار.

الريادة الإقليمية

فيما بين المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح أن خطة العراق الاقتصادية لعام 2050 تهدف إلى إيصال العراق لمجال الريادة الإقليمية، وسيعمل على تخفيض البطالة بين الشباب.

وقال صالح “تنصرف رؤية العراق 2050 إلى تحقيق مكاسب وطنية كبرى، في مقدمها مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي ضمن إطار اقتصادي متنوع ومستدام يتيح الاستفادة القصوى من الهبة الديموغرافية التي يتمتع بها العراق، حيث يتوقع أن تبلغ نسبة السكان دون سن الـ30 نحو 60 في المئة بحلول منتصف عام 2050”.

خفض نسبة البطالة

وأضاف صالح أن الاستراتيجية تهدف إلى خفض معدلات البطالة بين الشباب إلى أقل من 10 في المئة عبر خلق فرص عمل حقيقية من خلال تنمية قطاعات متعددة مترابطة تعتمد على سلاسل القيمة المعظمة للناتج المحلي، بما يحقق استقلالاً اقتصادياً بنسبة 60 في المئة، ويمهد الطريق لتحول العراق من التبعية الاقتصادية الإقليمية إلى الريادة الإقليمية.

وبين أن العراق يسعى إلى استعادة الثقة المجتمعية بمؤسسات الدولة من خلال الحوكمة الرشيدة والشفافية وتعزيز الأداء المؤسساتي، وتوجيه رسالة واضحة إلى الشركاء الدوليين بأن العراق في طور التحول من اقتصاد ريعي أحادي يعتمد على النفط إلى اقتصاد ذكي ومتنوع ومستدام.

وخلص صالح إلى أن العراق يعمل على الاستفادة من موقعه الاستراتيجي الفريد، ضمن مشروع طريق التنمية، وبيئته الشابة الخصبة الجاذبة للاستثمار والمليئة بالإمكانات البشرية والطبيعية غير المستغلة، لتكون جميع هذه العناصر جزءاً من رؤية وطنية طموحة تمتد حتى عام 2050.

10 أضعاف الناتج المحلي الحالي

فيما لفت الباحث بالشأن الاقتصادي صفوان قصي إلى إمكان أن يجلب العراق واردات مالية بمقدار 10 أضعاف من ناتجه المحلي الحالي، مشيراً إلى تحديات تعترض طريقه.

وأضاف قصي “العراق في حاجة إلى مجموعة من الإصلاحات المالية والمصرفية وإدارة مياهه بصورة صحيحة باستخدام أحدث أدوات إدارة المياه بالتعاون مع الاستثمارات البريطانية، وهناك مذكرة تفاهم مع المملكة المتحدة باستثمارات تقدر بـ15 مليار دولار في إنشاء السدود وإدارة البحيرات”، مشيراً إلى خطط عراقية لرفع كفاءة إدارة المياه ورفع الناتج المحلي الإجمالي من الصناعات الغذائية والزراعية والثروة الحيوانية، وخلق شركاء على مستوى استهلاك المواد المنتجة في البيئة العراقية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الاندماج بمنظومة الخليج وتركيا

وأكد قصي أن الخروج بالوضع الاقتصادي العراقي من الاقتصاد المنغلق إلى المفتوح من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر سيسهم في زيادة القدرة التنافسية للاقتصاد العراقي، وهناك رؤية عراقية بالاندماج المالي مع منظومة الخليج المالية والاندماج من جهة الموقع مع تركيا وصولاً إلى الاتحاد الأوروبي.

إن الرؤيا الاقتصادية التي رسمت في خطة العراق الممتدة لعام 2050 تترجم باستثمار الموانئ والمطارات وأيضاً النقل البري من خلال تطويرها لجلب موارد كبيرة للعراق، باستغلال موقعه كحلقة وصل بين آسيا وأوروبا، بحسب قصي الذي أشار إلى أنه من الممكن أن تسهم زيادة صادرات العراق النفطية في زيادة محافظ العراق الاستثمارية.

وبين أن موقع العراق الجغرافي المتميز باعتباره الأقصر من جهة المسافة لربط موانئ الصين والهند بميناء “الفاو” وربط ميناء “الفاو” بميناء “نوتردام” الهولندي بالأراضي العراقية والأوروبية يمكن أن يسرع بانتقال بعض السلع ذات الطبيعة السريعة التلف التي لا تتحمل التخزين، خصوصاً الإنتاج الزراعي المصدر من جنوب الصين إلى أوروبا، لأنه سيسهم في تقصير المسافة عبر قطار كهربائي صديق للبيئة ينقل هذه السلع مروراً بالعراق وتركيا خلال فترة لا تتجاوز الـ15 يوماً، وهي فترة أقل من تلك التي تحتاج إليها السفن.

ورجح أن يتمكن العراق من تحويل جزء من الاستثمارات الأوروبية إلى المدن الصناعية في العراق، وقال “نأمل في تنقل الولايات المتحدة جزءاً من استثماراتها إلى العراق لا سيما في قطاع التكنولوجيا، لكي تكون نافذة للتصدير إلى دول آسيا”.

وأوضح قصي أن إيرادات الاستثمارات الأجنبية يمكنها أن تزيد من الناتج المحلي العراقي بمقدار 10 أضعاف.

تحديات تواجه خطط العراق

وتطرق إلى جملة من التحديات التي قد تواجه خطة العراق الاقتصادية لعام 2050، مشدداً على ضرورة إعادة النظر بالتشريعات لكي تنسجم مع البيئة الدولية لحماية حقوق المستثمرين وإدارة الموارد الحكومية والموارد الخاصة بعقلية استثمارية، بحيث تكون الكلمة العليا للمستثمر سواء كان محلياً أم إقليمياً أم دولياً، هذه الشراكة يجب أن تكون متعددة لكي نحصل على استثمارات منتجة في كل القطاعات.

وخلص قصي بالقول إن معدل الدخل السنوي للفرد سيرتفع من 5 آلاف دولار سنوياً إلى 50 ألف دولار إذا جرى تنفيذ الخطة.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى