عالمي

ترمب قد يفتح جبهة جديدة في الصراع التجاري العالمي

قد تفتح إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب جبهة جديدة في الصراع التجاري العالمي، بعد أن اقترحت فرض رسوم تصل إلى 1.5 مليون دولار على السفن الصينية الآتية إلى الموانئ الأميركية.

وستطبق هذه الرسوم حتى على السفن المصنوعة في دول أخرى إذا كانت مملوكة لشركات تتضمن أساطيلها سفناً صينية، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة كلف الشحن على مجموعة واسعة من الواردات، من المواد الخام إلى السلع المصنعة.

ونظراً لإمكانيتها في رفع أسعار المستهلكين، فإن هذه الرسوم قد تتعارض مع وعود ترمب في مكافحة التضخم، إذ تنقل نحو 80 في المئة من التجارة الخارجية الأميركية من حيث الوزن من طريق السفن، ولكن أقل من 2 في المئة منها تنقل بواسطة سفن مسجلة تحت العلم الأميركي، وفقاً لبحوث “جافيكال”.

وكما أورد مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة، فإن هذا الاقتراح يعكس عقيدة “أميركا أولاً” التي توجه إدارة ترمب، والتي تهدف إلى تقليل الاعتماد على السفن الصينية في تزويد الأميركيين بالمنتجات، بينما يسعى إلى إحياء صناعة بناء السفن المحلية بعد نصف قرن من الخمول النسبي.

إضافة إلى الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها ترمب، فإن هذه المقاربة في التعامل مع الشحنات تعد بمثابة انتقاد للنظام التجاري، الذي أنشأته الولايات المتحدة وحلفاؤها بعد الحرب العالمية الثانية، إذ تحول الإيمان بعالم السوق المفتوحة إلى عداء ضد العولمة لمصلحة السعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

ويهدف الاقتراح إلى تعزيز العزلة الاقتصادية للصين وتقليل الاعتماد الأميركي على صناعتها، وهي نقطة توافق نادرة بين الحزبين في واشنطن، وكان هذا الاقتراح نتيجة لتحقيق بدأته إدارة بايدن في محاولة لمعالجة هيمنة الصناعة البحرية الصينية، استجابة لطلب تقدمت به النقابات العمالية الأميركية.

خمس سفن حاويات صينية التي تصل لأميركا

ووفقاً للبنك الهولندي “آي أن جي”، يصنع نحو خمس سفن الحاويات التي تصل إلى الموانئ الأميركية في الصين، وتزيد النسبة بصورة كبيرة في الطرق التجارية التي تعبر المحيط الهادئ.

وخلص باحثو البنك في تقرير نشر يوم الإثنين الماضي، إلى أن “جزءاً كبيراً من الواردات التي تصل إلى الولايات المتحدة عبر الموانئ ستكون عرضة بصورة مباشرة لرسوم باهظة”.

وأضاف الباحثون أنه من المحتمل أن تمرر هذه النفقات الإضافية من الناقلين إلى الشاحنين، وأخيراً إلى المستوردين والمصدرين.

وتتلقى الإدارة تعليقات على الاقتراح حتى 24 مارس (آذار) المقبل، ويمكن لترمب فرض الرسوم عبر أمر تنفيذي.

وتتضمن الخطة فرض مجموعة من الرسوم على السفن التي تفرغ حمولتها في الموانئ الأميركية بحسب النسبة المئوية للسفن المصنوعة في الصين ضمن أسطول الناقل، إضافة إلى الرسوم التي تصل إلى 1.5 مليون دولار للسفن المصنوعة في الصين، وتحدد رسوم تصل إلى مليون دولار لكل زيارة ميناء بالنسبة إلى الناقلين الذين تستند طلباتهم لبناء سفن جديدة بصورة كبيرة على أحواض السفن الصينية.

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة اللوجيستيات العالمية “فليكسبورت” رايان بيترسن، إن “التقديرات تشير إلى أن شركات النقل الكبرى تتوقف عادة في ميناء أو ميناءين أميركيين في كل رحلة، مما يعني أن الرسوم المفروضة قد تتجاوز 3 ملايين دولار على الرحلات التي تحقق إيرادات تتراوح ما بين 10 ملايين إلى 15 مليون دولار”.

كلف الشحن المرتفعة تشكل تحدياً اقتصادياً

بينما قال المتخصص في التجارة الدولية في كلية هارفرد للأعمال ويلي شيه إلى صحيفة “نيويورك تايمز”، “الرسوم المقترحة ضخمة، وسيتم تضمينها في ما يتعين على الشاحنين دفعه، بالتالي على المستهلكين”، مضيفاً أنها “خطوة عدوانية للغاية تعكس إدارة إما أنها بعيدة عن الواقع في كيفية عمل العالم بالفعل أو أنها لا تهتم وترغب في خلق الفوضى”.

وقد يتناسب الاضطراب مع تصميمات الرئيس ترمب، الذي سعى للضغط على الشركات لصنع منتجاتها في الولايات المتحدة، لكن زيادة كلف الشحن قد تعوق هذا الجهد، نظراً لأن أكثر من ربع واردات أميركا تتكون من مكونات أو أجزاء أو مواد خام، وفقاً لبيانات البنك الدولي، لذا فإن كلف الشحن المرتفعة على هذه الشحنات تشكل تحدياً اقتصادياً لإنتاج السلع الجاهزة في الولايات المتحدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويهدف اقتراح ترمب إلى مواجهة هيمنة صناعة بناء السفن الصينية، التي تصنع أكثر من نصف سفن الشحن التجارية في العالم، مقارنة بـ5 في المئة فحسب في عام 1999، وفقاً لمكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة.

وسيتعين شحن ما لا يقل عن 15 في المئة من صادرات أميركا عبر سفن ترفع علم الولايات المتحدة في غضون سبع سنوات من تنفيذ السياسة الجديدة، ويتعين أن تبنى 5 في المئة من الأساطيل في الولايات المتحدة.

ترمب وإحياء صناعة السفن

وقال الرئيس التنفيذي لشركة “فيسبوشي مارايتايم” لارس غنسن، وهي استشارية لشحن الحاويات مقرها كوبنهاغن “لا يوجد أي وسيلة مادية على الإطلاق يمكن أن تقوم بها أحواض بناء السفن الأميركية لتحقيق ذلك”، موضحاً “المصطلح التقني لهذا الاقتراح سيكون ببساطة غبياً”.

وأضاف غنسن أن “انتظار الحصول على سفينة حاويات جديدة من حوض بناء سفن موجود بالفعل يستغرق أكثر من ثلاث سنوات، إذ إن صناعة أميركية جديدة ستبدأ من الصفر تقريباً، ما يتطلب مليارات الدولارات وسنوات عدة”.

وأضاف “سيتطلب هذا الجهد البحث عن الفولاذ وهو سلعة أصبحت أكثر كلفة بسبب رسوم ترمب الجمركية”.

وفي الأثناء، ستخلق الرسوم الجمركية فرصاً جديدة للأحواض البحرية القائمة في كوريا الجنوبية واليابان.

وفي حال تنفيذ اقتراح ترمب، فسيؤدي إلى تغيير في النقل الدولي، مما يزرع مزيداً من عدم اليقين للأعمال التجارية التي تعاني بالفعل من اقتراحات ترمب الجمركية المختلفة.

ومن المرجح أيضاً أن يتسبب الاقتراح في خفض استخدام المستوردين للموانئ الأميركية من خلال الشحن إلى المكسيك وكندا، ثم استخدام الشاحنات والسكك الحديدية للتوصيل إلى الولايات المتحدة.

وأشار بيترسن إلى أن “تلك الموانئ غالباً ما تكون مكتظة ولن تتمكن من استيعاب الكثير من الطاقة الاستيعابية”.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى