بعد بيانات مخيبة للوظائف… هل أخطأ “الفيدرالي” في تثبيت الفائدة؟

لم يستغرق الأمر سوى بضعة أيام حتى يتلاشى قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الأخير في شأن أسعار الفائدة بسرعة.
ففي اجتماعه الأخير أعلن البنك أنه سيبقي كلف الاقتراض ثابتة مرة أخرى، مواصلاً بذلك سياسة الترقب والانتظار التي بدأت خلال يناير (كانون الثاني) الماضي.
وعقب القرار خلال الـ30 من يوليو (تموز) الماضي، قال رئيس “الفيدرالي” جيروم باول إن سوق العمل “المتين” يعني أن المصرفيين المركزيين ما زالوا قادرين على الانتظار لمعرفة كيف ستؤثر رسوم الرئيس دونالد ترمب الجمركية على الأسعار، قبل استئناف خفوض أسعار الفائدة التي قد تسهم في تعزيز الوظائف، ولكنها قد تعيد أيضاً إشعال فتيل التضخم.
وبعد يومين فحسب من القرار، اتضح أن سوق العمل في وضع أكثر اهتزازاً مما أشار إليه باول، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت لمعرفة ما إذا كانت هذه هي الحال فعلاً، لكن قد يخرج “الفيدرالي” مذعوراً من البيانات الجديدة للتوظيف وتحركات سوق العمل.
عودة معدل البطالة إلى الارتفاع في يوليو
وفق بيانات حديثة، أفادت وزارة العمل الأميركية بأن أصحاب العمل أضافوا 73 ألف وظيفة فحسب خلال يوليو الماضي، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى لنمو الوظائف الشهري اللازم لمواكبة النمو السكاني.
وخلال الوقت نفسه ارتفع معدل البطالة من 4.1 إلى 4.2 في المئة، وكان التقرير الشهري أسوأ مما يبدو، فقد قامت وزارة العمل أيضاً بمراجعة واسعة النطاق لنمو الوظائف خلال الشهرين السابقين بالخفض.
ومن الواضح خلال الوقت الحالي أن نمو الوظائف كان ضعيفاً بناءً على البيانات المنقحة حديثاً، إذ كان متوسط وتيرة نمو الوظائف الشهري من مايو (أيار) إلى يوليو الماضيين، هو الأضعف من أي فترة ثلاثة أشهر أخرى منذ عام 2009، باستثناء فترة الركود الاقتصادي بسبب الجائحة عام 2020.
وفي مذكرة بحثية حديثة، قال الشريك الإداري في مجموعة “هاريس” المالية جيمي كوكس “سيندم باول على إبقاء أسعار الفائدة ثابتة هذا الأسبوع”.
لكن لم يشاطر جميع أعضاء “الفيدرالي” وجهة نظر باول في شأن سوق العمل، فقد أثار قرار البنك الأخير ردود فعل داخلية غير مسبوقة منذ عقود. وأدلى محافظ “الفيدرالي” كريستوفر والر ونائبة الرئيس للإشراف بالبنك ميشيل بومان، بأصوات معارضة، وهي المرة الأولى التي يفعل فيها أكثر من محافظ واحد هذا الأمر منذ عام 1993.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وضمن بيانين صدرا الجمعة الماضي، أشار المسؤولان إلى علامات ضعف سوق العمل كسبب رئيس لمعارضتهما، بينما قللا من شأن الآثار المحتملة لرسوم ترمب الجمركية على الأسعار.
ويكلف الكونغرس “الفيدرالي” بمعالجة ارتفاع التضخم وضعف سوق العمل، وكتب بومان “أصبح سوق العمل أقل ديناميكية ويظهر علامات هشاشة متزايدة”، مضيفاً أن “عدداً قليلاً فحسب من القطاعات حفز نمو الوظائف هذا العام، وهو ما استمر خلال الشهر الماضي، وفقاً لأحدث البيانات”.
ومع ذلك، قد يكون من السابق لأوانه الجزم بأن “الفيدرالي” ارتكب خطأً فادحاً.
وعقب صدور تقرير الوظائف، قالت رئيسة بنك “الفيدرالي” في كليفلاند بيث هاماك “لقد كان تقريراً مخيباً للآمال بلا شك، ولكن عندما أطلع على البيانات أحاول ألا أبالغ في تقدير أهمية أي تقرير على حدة، وأشعر بالثقة في القرار الذي اتخذناه خلال الاجتماع الأخير بتثبيت أسعار الفائدة”.
وخلال العام الماضي وبعد ارتفاع معدل البطالة بسرعة في فترة قصيرة وظهور دعوات مماثلة تشير إلى أن البنك المركزي تأخر كثيراً في خفض أسعار الفائدة، حفض “الفيدرالي” بصورة جريئة سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية لتجنب أي ضعف إضافي.
وبحلول نهاية العام الماضي تبين أن سوق العمل لم يكن يتدهور بصورة حادة، فخلال ديسمبر (كانون الأول) 2024 أضاف أصحاب العمل 323 ألف وظيفة جديدة، في حين انخفض معدل البطالة من الشهر السابق إلى 4.1 في المئة.
خلافات في شأن بيانات رسمية حول الاقتصاد
وبعد أيام من نشر تقرير الوظائف، أثار رئيس المجلس الاقتصادي الوطني التابع للبيت الأبيض كيفن هاسيت مزيداً من الجدل حول جودة البيانات داخل الولايات المتحدة، بعد نحو أسبوع من إقالة الرئيس دونالد ترمب مديرة مكتب إحصاءات العمل.
وانتقد هاسيت تقرير الناتج المحلي الإجمالي الصادر قبيل انتخابات الرئاسة لعام 2012، بين الرئيس “باراك أوباما” وحاكم ماساتشوستس السابق ميت رومني.
وفي تصريحات حديثة، قال هاسيت إن “البيت الأبيض سيراجع البيانات الاقتصادية الصادرة عن وزارتي العمل والتجارة بحثاً عن أنماط مشبوهة”، مضيفاً “هناك قصص مثيرة للقلق وسبق أن أطلعت حملة ميت رومني على ذلك، وظننت أنه سيكون هناك بيانات تشير إلى الركود، لكن في الواقع حصلوا على رقم رائع وكبير للغاية، وأعتقد أن تقرير الناتج المحلي الإجمالي كان له تأثير كبير في الانتخابات”.
وأشارت البيانات آنذاك إلى نمو بنسبة اثنين في المئة خلال الربع الثالث من عام 2012، قبل أيام من عقد الانتخابات الرئاسية، وتوقع هاسيت آنذاك ركوداً، ولم يكن السوق كذلك، وبلغ إجماع خبراء الاقتصاد في مسح “ماركت ووتش” قبل صدور التقرير 1.7 في المئة.
وبعد الانتخابات عُدلت البيانات بالرفع، وكان التقدير الثاني لنمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثالث 2.7 في المئة، والتقدير الأخير عند مستوى 3.1 في المئة.
لكن خلال عام 2015، خُفضت بيانات نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث من عام 2012 بصورة ملحوظة إلى 0.6 في المئة، فيما عدلت بيانات الربعين الأول والثاني بالزيادة، لينخفض النمو الإجمالي للعام بمقدار 10 نقاط مئوية فحسب.