عالمي

تأخيرات في انتظار الموانئ البريطانية وسط فحوصات “بريكست” الجديدة

تستعد الحكومة البريطانية هذا الأسبوع للبدء في تطبيق سياستها الحدودية الجديدة، إذ سيجب على نموذج التشغيل المستهدف الحدودي (BTOM) البريطاني الآن أن يعكس الضوابط التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على الشركات البريطانية التي تسعى إلى لتصدير إلى أوروبا.

وبدءاً من الأربعاء المقبل ستصنف جميع المنتجات النباتية والحيوانية المستوردة على أنها منخفضة أو متوسطة أو عالية الأخطار، أما تلك التي تعد متوسطة أو عالية الأخطار، والتي تشمل اللحوم ومنتجات الألبان، إضافة إلى معظم النباتات التي ستتطلب الآن فحوصات من مفتشي صحة النبات أو الأطباء البيطريين قبل نقلها.

إلا أن قادة بريطانيا أقل ثقة، فبدلاً من الانتقال السلس، وهو ما تأمل الحكومة فيه، فإن الشركات التي تحدثت إليها صحيفة “أوبزرفر” ترسم صورة من الارتباك واسع النطاق، وتصاعد الكلفة على الشركات – ما يقدر بنحو 330 مليون جنيه استرليني (419.4 مليون دولار) سنوياً – والمخاوف من أن المراكز الحدودية الجديدة لن تقدر على التعامل مع الأمر.

أصول السياسة الجديدة

التغييرات التي ستأتي الأربعاء ستعكس ما وضعه الاتحاد الأوروبي للمصدرين في بريطانيا على مدى السنوات الثلاث الماضية، فعندما غادرت بريطانيا السوق الموحدة (بريكست) رسمياً في الأول من يناير (كانون الثاني) 2021، كانت الشهادات الصحية للحوم ومنتجات الألبان، وشهادات الصحة النباتية للمنتجات النباتية، مطلوبة لجميع صادرات بريطانيا، التي تعبر القناة إلى البر الرئيس لأوروبا، وأدخلت عمليات التفتيش المادي على حدود الاتحاد الأوروبي، ولكن هناك أسباباً وراء رغبة بريطانيا في الرد بالمثل، أولاً، تنص قواعد منظمة التجارة العالمية على أن الحدود التجارية للاتحاد الأوروبي يجب أن تتطابق مع حدود بقية العالم، حتى لا تمنح الكتلة ميزة تجارية، كما أنها تتعرض لضغوط من بعض الصناعات في بريطانيا، مثل مزارعي اللحوم والدواجن، الذين شعروا بعدم وجود حدود تجارية مما يعني تعرضهم للعرقلة في سوقين، ومواجهة عقبات أكبر أمام التصدير، واضطرارهم إلى التنافس محلياً مع مستوردي الاتحاد الأوروبي الذين لديهم وصول غير مقيد إلى بريطانيا.

وتقول رئيسة الاتحاد الوطني للمزارعين مينيت باترز لصحيفة “غارديان” إن “عديداً من مزارعي اللحوم ومنتجات الألبان يشعرون بهذه الطريقة، إنهم يريدون أن يروا على هذا الجانب أن مصدري الاتحاد الأوروبي يواجهون نفس سلسلة الضوابط التي تواجهها الشركات البريطانية”.

وكانت وستمنستر تعتزم في البداية إجراء تغيير سريع، وكان من المقرر أيضاً تقديم الشهادات الصحية للواردات بحلول أبريل (نيسان) 2021، ومن المقرر أن تتبعها عمليات التفتيش الحدودية في يوليو (تموز) 2021، ولكن سرعان ما تراجعت الحكومة، واعترفت بأن الشركات لم تكن جاهزة، وأن البنية التحتية الحدودية لن تكون جاهزة في الوقت المناسب.

ويأتي هذا قبل التغييرات الأكثر أهمية في 30 أبريل المقبل، عندما ستفحص هذه المنتجات فعلياً في نقاط حدودية جديدة في بريطانيا، وشمل ذلك نظام كمبيوتر جديد (IPAFFS) وهو نظام استيراد المنتجات والحيوانات والأغذية والأعلاف، والذي أعد لإدارة المستندات الجديدة اللازمة للعمليات الجديدة، والتي لم تعمل بعد بكامل طاقتها.

ومن ناحية أخرى، لم ينتهِ من بناء 30 نقطة حدودية مخطط لها والمطلوبة لمعالجة البضائع، وفي بعض الحالات لم يكن البناء بدأ إلا بالكاد.

في ذلك الوقت، قال وزير مكتب مجلس الوزراء آنذاك، مايكل غوف، إن الحكومة استجابت لطلبات الشركات لمزيد من الوقت، وألقى باللوم على جائحة كورونا في عدم الاستعداد. والآن، بعد خمسة تأخيرات، يبدو أنه سينفذ نموذج التشغيل المستهدف الحدودي (BTOM) أخيراً، ولكن على رغم الفجوة التي دامت ثلاث سنوات، فإن عديد المشكلات ذاتها لا تزال قائمة.

الشركات ليست جاهزة

لكي يستمر التدفق السلس للتجارة، تحتاج الشركات على جانبي القناة إلى فهم القواعد، في حين تشير الدلائل إلى أن كثيرين يعيشون في الظلام، إذ أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد التصدير والتجارة الدولية (IOE&IT) في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أن أقل من خمس الشركات في بريطانيا كانت واضحة في شأن ما إذا كانت التغييرات ستؤثر عليها.

وبالنسبة إلى الشركات الأوروبية، هناك أيضاً ارتباك، إذ يقول المدير التنفيذي في اتحاد سلسلة التبريد، توم ساوثهول، وهو الاتحاد التجاري في بريطانيا لصناعة الخدمات اللوجيستية التي يتحكم في درجة حرارتها، إن التأخيرات الأخيرة حدثت إلى حد كبير لأن الشركات الأوروبية لم تكن جاهزة. ويقول، “كان هناك كثير من القلق من عدم وجود مشاركة كافية مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لإعدادهم”. وأضاف “وهذا ينطوي على خطر أننا إذا أدخلنا هذه المتطلبات، فقد يكون هناك خفض في الواردات الغذائية لأن الموردين ليسوا مستعدين”.

من جانبه قال المدير العام لمعهد التصدير والتجارة الدولية ماركو فورغيوني إن الزيارات الأخيرة التي قام بها إلى البر الرئيس لأوروبا رسمت صورة من الارتباك في شأن ما هو قادم. ويضيف، “كنت في إيطاليا قبل بضعة أسابيع وأتحدث إلى هيئة تمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة [المؤسسات الصغيرة والمتوسطة]، وكان من الواضح أن مجتمع الشركات لا يفهم المتطلبات”، مضيفاً أن فريق معهد التصدير والتجارة الدولية، في بروكسل قد تلقى تقارير مماثلة من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى. في حين أن أولئك الذين يفهمون المتطلبات سيضطرون إلى العثور على مفتش صحة النبات أو طبيب بيطري في بلدهم للتوقيع على الشهادات الصحية، وهي مهمة أصبحت أكثر صعوبة بسبب نقص الأطباء البيطريين في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.

وفي الأسبوع الماضي، حذرت جمعية مصنعي اللحوم البريطانية من أن المصدرين إلى بريطانيا يعانون نقص القدرات البيطرية في أوروبا القارية، بخاصة في عطلات نهاية الأسبوع.

وسمع مدير المبيعات في شركة “تينوتا مارموريل الإيطالية” لاستيراد المواد الغذائية نيك كارلوتشي أن عديداً من المستوردين في إيطاليا اختاروا عدم التصدير إلى بريطانيا بسبب الروتين بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.

ويقول كارلوتشي، “لقد قالوا إن الأمر لا يستحق وقتنا، بريطانيا ليست سوقاً كبيرة بما فيه الكفاية بالنسبة إلينا، إنه لأمر مؤسف لأن المستخدم النهائي سيفقد في نهاية المطاف هذه المنتجات المتخصصة.”

في حين أنه من الصعب تقييم عدد الشركات الأوروبية التي تتجنب بريطانيا بسبب التغييرات الجديدة، لكن النظر إلى ما حدث مباشرة بعد أن فرض الاتحاد الأوروبي ضوابطه في الأول من يناير 2021 قد يقدم بعض الأدلة، وفي يناير 2021، انخفض إجمالي الصادرات من بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 40 في المئة، أو نحو 5.6 مليار جنيه استرليني (7.1 مليار دولار)، بينما انخفضت صادرات المواد الغذائية والحيوانات الحية بنسبة 64 في المئة تقريباً.

وبالنسبة إلى أولئك الذين سيستمرون في التصدير، فإن احتمال رفضهم عند الحدود اعتباراً من الأربعاء يبدو منخفضاً، أي حتى نهاية أبريل القادم، على أي حال.

وأشارت الحكومة البريطانية إلى أن التعامل مع الفترة من يناير الحالي إلى أبريل القادم سيجري باعتبارها فترة سبات.

ويقول ساوثهول، “الفكرة هي أنه اعتباراً من يناير الجاري ستكون هناك حاجة إلى شهادات، لكنهم لن يقوموا بإبعاد الأشخاص عن الحدود، بل سيقدمون تحذيرات ونصائح في شأن الامتثال، وهذا لإعطاء الناس مزيداً من الوقت للتعود على ذلك”.

مع ذلك، فإن شبح إعادة الواردات الحيوية أو احتجاز العشرات من الشاحنات لساعات في مراكز مراقبة الحدود الجديدة التابعة للحكومة ما زال قائماً في 30 أبريل القادم، عندما تبدأ عمليات التفتيش المادية.

مراكز مراقبة الحدود

اعتاد سكان قرية سيفينغتون الهادئة في منطقة كينت، قرب أشفورد، على ضجيج شاحنات البناء القريبة في السنوات الأخيرة، بعد أن غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي رسمياً في عام 2021، واختير الموقع ليكون موطناً لمنشأة جديدة تبلغ مساحتها 93 هكتاراً، والتي ستصبح مركز المعالجة الرئيس للواردات التي تأتي عبر ميناء دوفر، المحطة البحرية الأكثر ازدحاماً في البلاد.

ويحتوي الموقع الواسع، الذي يقع على بعد 22 ميلاً من دوفر، على عديد من السقائف اللوجيستية الكبيرة لمعالجة الواردات، و1700 مكان لوقوف البضائع الثقيلة، وسياج محيطي بارتفاع 3.6 متر (12 قدماً).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولكن بحلول نهاية أبريل المقبل، سيتعين على السكان أن يعتادوا مرة أخرى على طنين الشاحنات، لكن هناك مخاوف في شأن ما إذا كانت هذه النقطة والمراكز الحدودية الجديدة الأخرى جاهزة أم لا، فعندما أعلنت الحكومة لأول مرة أنها ستجري فحوصات مادية على الواردات اعتباراً من يوليو (تموز) 2021، توقعت أن يجري ذلك في 30 مركزاً محدداً لمراقبة الحدود، وتتكون هذه المواقع من المرافق القائمة في الموانئ والمطارات، فضلاً عن سلسلة من نقاط العبور الحدودية الجديدة.

وشملت هذه المنشآت منشأة سيفينغتون بقيمة 154 مليون جنيه استرليني (195.7 مليون دولار) قبالة الطريق السريع “أم 20″، في حين خطط أيضاً لمنشأة أخرى في بورتسموث وكيلينغهولمي في شمال لينكولنشاير، وعندما أعلنت الحكومة عن تأجيلها الأول في عام 2021، لم تكن هذه الأمور قد انتهت.

ولكن على رغم أن المرافق في سيفينغتون وبورتسموث وكيلينغهولمي قد تم بناؤها الآن، إلا أنه لا يزال هناك ارتباك حول كيفية عملها.

وفي مؤتمر صحافي عقد أخيراً، أكدت كبيرة المستشارين التجاريين لـ”معهد التصدير والتجارة الدولية”، آنا دوهرتي، أن التفاصيل المهمة مثل ساعات العمل، وما هي المنتجات التي يمكن أن تتعامل معها بعض الوظائف، لم تقدم بعد إلى الصناعة، وعلى رغم أن الضوابط الحدودية الجديدة أصبحت جاهزة للعمل في غضون 13 أسبوعاً فقط، فإن الشركات لا تزال غير متأكدة من الكلفة.

وفي يوليو من العام الماضي، أطلقت الحكومة البريطانية مشاورة تقترح أنها ستفرض “رسوم مستخدم مشتركة” تراوح ما بين 20 جنيهاً استرلينياً (25.4 دولار) و43 جنيهاً استرلينياً (54.6 دولار) على كل شحنة تمر عبر مدينة بورنموث وكريستشرش وبول وهي منطقة سلطة وحدوية في مقاطعة دورست، لكن الحكومة لم تقرر بعد الرقم النهائي، مما يسبب الفوضى للشركات.

هناك أيضاً مخاوف تتعلق بسلامة للغذاء، كان الأمن الحيوي أحد الأسباب الرئيسة لإنشاء نقاط العبور الحدودية، ومع تزايد خطر الإصابة بأمراض مثل أنفلونزا الخنازير الأفريقية، وبكتيريا إكسيليلا بالنسبة إلى النباتات، فإن الأمل هو أن يؤدي مزيد من عمليات التفتيش في الموانئ إلى اكتشاف الأمراض في وقت مبكر قبل دخول البلاد، لكن بعض أصحاب الأعمال يعتقدون أن هذه المنشورات الجديدة يمكن أن تزيد من التلوث المتبادل.

وأثارت جمعية مزارعي الطماطم البريطانية مخاوف، بخاصة في شأن هذا الأمر، قائلة إن المراكز الحدودية يمكن أن تسبب نقطة كبيرة للعدوى، مما يعرض المزارعين لخطر فشل المحاصيل، وخسارة مبالغ ضخمة من المال.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى