الهند على أعتاب إعادة تشكيل سوق الرز العالمية في 2026

تتوقع “أس أند بي” أن يبلغ إنتاج الهند من الرز خلال العام التسويقي 2025-2026 أكتوبر (تشرين الأول) – سبتمبر (أيلول) نحو 151.8 مليون طن، بزيادة سنوية قدرها 800 ألف طن، مدعوماً بمحصول خريف قياسي.
من المرجح أن يُعيد الإنتاج القياسي للرز في الهند، إلى جانب تنامي قدرتها التنافسية السعرية، رسم خريطة تجارة الرز العالمية مع مطلع عام 2026، في وقت يتجه فيه المشترون بصورة متزايدة نحو أكبر مُصدّر للرز في العالم، وفقاً لمذكرة حديثة من “أس أند بي غلوبال”.
ويرجح أن يؤدي هذا التحول إلى إعادة تشكيل مسارات التصدير الرئيسة، وزيادة الضغوط السعرية على الموردين المنافسين، فضلاً عن تحديد الاتجاه العام لأسعار الرز العالمية حتى نهاية الربع الأول من عام 2026.
وتتوقع “أس أند بي” أن يبلغ إنتاج الهند من الرز خلال العام التسويقي 2025-2026 أكتوبر – سبتمبر نحو 151.8 مليون طن، بزيادة سنوية قدرها 800 ألف طن، مدعوماً بمحصول خريف قياسي.
لماذا يتوقع ارتفاع الإنتاج؟
وتشير تقديرات وزارة الزراعة ورفاهية المزارعين الهندية، الصادرة في الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني)، إلى أن محصول الخريف للموسم الزراعي 2024-2025 سيصل إلى مستوى غير مسبوق يبلغ 124.504 مليون طن، بزيادة 1.7 مليون طن مقارنة بالعام السابق.
وتدخل السوق الهندية عام 2026 بزخم قوي، وسط توقعات بأن يتحول الطلب العالمي بصورة متزايدة نحو الهند، وقال أحد المصدّرين من ولاية تشاتيسغار إن مشتريات الحكومة ستُبقي الإمدادات شحيحة حتى منتصف يناير (كانون الثاني) 2026، قبل أن تبدأ ضغوط السوق في دفع الأسعار نحو الانخفاض.
وعزز ضعف الروبية الهندية وتجدد الطلب من نيجيريا القدرة التنافسية للهند، فيما يتوقع لتراجع قيمة العملة المحلية مقابل الدولار أن يُعيد توجيه الطلب، مضيفاً أن المؤشرات العامة “إيجابية” في ظل الميزة السعرية التي تتمتع بها الهند.
ويتقاطع هذا التوجه مع توقعات القطاع، إذ قال رئيس قسم تجارة الرز في شركة ETG أوميش غوساي، إن انخفاض الأسعار المحتمل في إطار سياسة البيع في السوق المفتوحة (OMSS) قد يدفع المشترين إلى التحول من تايلاند وغيرها من الدول نحو الرز الهندي، خصوصاً في ظل وفرة المحصول هذا العام.
كم سعر الرز الأبيض الهندي؟
وعلى صعيد الأسعار، قدّرت “أس أند بي غلوبال” في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) الجاري سعر الرز الأبيض الهندي المكسور بنسبة خمسة في المئة عند 338 دولاراً للطن، بانخفاض شهري قدره خمسة دولارات.
وبالمقابل، سجلت أسعار الرز من مصادر آسيوية أخرى ارتفاعاً، إذ بلغ سعر الرز التايلاندي المكسور بنسبة خمسة في المئة نحو 379 دولاراً، والفيتنامي 358 دولاراً، والباكستاني 347 دولاراً، فيما قُدّر سعر الرز الميانماري عند 334 دولاراً للطن.
ويعكس سلوك الشراء في جنوب أفريقيا قوة التسعير الهندية، إذ أكد أحد كبار المشترين أن أي خفض بنحو 15 دولاراً للطن في الأسعار الهندية سيدفع السوق إلى التحول الفوري من الرز التايلاندي.
بحسب المذكرة، ينتظر المصدرون الآسيويون وضوح الرؤية في شأن سياسة نيودلهي، فيما ستظل قدرة الهند على المنافسة مرهونة بقرار خفض الأسعار المتوقع بعد انتهاء عمليات الشراء الحكومية في منتصف يناير 2026.
ومن المنتظر أن تواجه تايلاند وفيتنام وكمبوديا وميانمار ضغوطاً تنافسية متزايدة خلال الربع الأول من 2026، مع ترقب دخول الإمدادات الهندية الأرخص.
هذا تأثير المحصول الجديد
وفي تايلاند، يُتوقع استمرار شح الإمدادات وارتفاع الأسعار حتى وصول شحنات فبراير (شباط) ومارس (آذار) 2026، قبل أن تبدأ الأسعار في التراجع مع وصول المحصول الجديد.
أما في فيتنام، فيتوقع التجار بقاء الأسعار مرتفعة ما لم تشهد توقعات العرض الهندي تغيراً ملموساً، في ظل منافسة متزايدة من الهند وتايلاند وباكستان وميانمار.
وبينما يُنتظر أن تستأنف الفيليبين عمليات الشراء عقب انتهاء حظر الاستيراد الممتد حتى نهاية 2025، يرى محللون أن توجهها نحو الرز الهندي سيظل محدوداً، ما لم يتسع الفارق السعري بصورة كبيرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بالمقابل، تتطلع كمبوديا وميانمار إلى طلب أقوى من الصين خلال يناير وفبراير 2026، بخاصة على الأصناف المفضلة لدى السوق الصينية، في حين تواصل باكستان فقدان زخمها التصديري مع بقاء كبار المشترين على الحياد.
مسار الأسعار خلال 2026
وتواجه بلدان غرب أفريقيا تحديات إضافية بفعل تراكم المخزونات وفرض قيود موقتة على الواردات في دول مثل السنغال وغانا ومالي، بينما تلقي الاعتبارات السياسية في نيجيريا بظلالها على سياسات التسعير مع اقتراب عام انتخابي.
وعلى المستوى العالمي، يتفق مشاركون في السوق على أن مسار الأسعار خلال 2026 سيعتمد بدرجة كبيرة على قرارات الحكومة الهندية في شأن سياسة التصدير والأسعار، ويرى محللون أن أي إشارة رسمية إلى خفض الأسعار قد تُطلق موجة طلب قوية على الرز الهندي، بما ينعكس على أسواق الرز العالمية حتى منتصف عام 2026.
في المحصلة، تقف سوق الرز العالمية على أعتاب مرحلة إعادة تموضع تقودها الهند، إذ سيتوقف اتجاه الأسعار ومسارات التجارة في الأشهر الأولى من عام 2026 على قرارات نيودلهي في شأن سياسة التصدير وإدارة برنامج البيع في السوق المفتوحة، ومع ترقب المشترين لأي إشارة على خفض الأسعار، قد يتحول الحذر الحالي سريعاً إلى موجة طلب واسعة على الرز الهندي، بما يفرض ضغوطاً متزايدة على الموردين المنافسين ويُعيد رسم موازين سوق غذائية بالغة الحساسية حتى منتصف العام المقبل.



