بريطانيا ترصد أكثر من 20 مليار دولار لـمشاريع نقل جديدة

أعلنت وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز عن تخصيص 15 مليار جنيه استرليني (20.1 مليار دولار) لمشاريع الترام والقطارات والحافلات خارج لندن، في إطار ما وُصف بـ”هجوم سحر سياسي” يهدف إلى طمأنة نواب حزب “العمال” القلقين من أن مراجعة الإنفاق المقبلة لن تكون عودة إلى سياسات التقشف.
وبحسب صحيفة الـ”غارديان”، بدأت ريفز لقاءات مع مجموعات من النواب في الصفوف الخلفية لحزبها، مؤكدة أن هذه الاستثمارات جزء من خطة أوسع بقيمة 113 مليار جنيه استرليني (152.8 مليار دولار لمشاريع رأسمالية تشمل النقل والإسكان والطاقة لم تكن لتتحقق إلا تحت حكم حزب “العمال“.
ولا تزال ثلاث وزارات فحسب هي الداخلية والطاقة والإسكان لم تتوصل إلى اتفاق نهائي في شأن موازناتها متعددة الأعوام مع وزارة الخزانة قبل الإعلان الرسمي عن مراجعة الإنفاق، في حين تواصل وزيرات الداخلية إيفيت كوبر والطاقة إد ميليباند والإسكان أنجيلا راينر محادثاتهم مع ريفز.
وترغب وزيرة الخزانة في جعل الإنفاق الرأسمالي محوراً لسردية الحكومة مع ختام مراجعة الإنفاق الأسبوع المقبل، في ظل تزايد الضغط من نواب يمثلون دوائر انتخابية هشة يطالبون بقصة اقتصادية أكثر إقناعاً لمواجهة الاستياء الشعبي المتنامي.
وخلال وقت تبحث فيه الحكومة عن وسائل للتصدي للتهديد الانتخابي المتصاعد من حزب “ريفورم”، يحاول مسؤولو الحزب الحاكم إعادة توجيه اهتمام النواب بعيداً من الخفوض المتوقعة في الإنفاق اليومي، والتركيز بدلاً من ذلك على الموازنات الرأسمالية، وقال أحدهم “نحن نستثمر من أجل إعادة البناء”.
“قرارات صعبة لا مفر منها”
لكن مراجعة الإنفاق لن تكون سهلة للحكومة، إذ حذر معهد الدراسات المالية من أن ريفز تواجه “قرارات صعبة لا مفر منها”، في ظل تصاعد متطلبات تمويل قطاعي الصحة والدفاع، مما قد يفتح الباب أمام خفوض كبيرة في قطاعات أخرى.
وقال أحد الوزراء إلى الصحيفة ذاتها “لدينا معركة كبيرة في شأن كيفية تقديم هذه الخطة، والخطر الحقيقي أن الناس سيطلعون على مراجعة الإنفاق ويذهبون مباشرة إلى الصفحات الأخيرة ويشاهدون الأرقام السالبة، فتكون القصة حينها هي الخفوض الكبرى”.
وأضاف “لكن الفرق الحقيقي يكمن في ما كان يمكن أن تكون عليه الأمور لولا الاستثمارات الإضافية الهائلة التي أقرت في الموازنة، أو الإنفاق الرأسمالي الكبير جداً، وسيكون من الصعب توضيح ذلك”.
وتابع “أعتقد أن عدداً من وزراء الحكومة يدركون هذه النقطة”.
ويرى حلفاء راشيل ريفز أن الوزارات ستحصل على 300 مليار جنيه استرليني (405.6 دولار) إضافية مقارنة بما كانت حكومة “المحافظين” تخطط له، وذلك بفضل قرارات اتخذتها ريفز في موازنة الخريف، من بينها تخفيف القواعد المالية الخاصة بالإنفاق الرأسمالي.
ويشمل هذا المبلغ نحو 190 مليار جنيه استرليني (256.9 مليار دولار) إضافية مخصصة للإنفاق اليومي خلال عمر البرلمان الحالي.
إعادة صياغة قواعد الاستثمار
وسيوجه جزء كبير من استثمارات رأس المال الإضافية البالغة 113 مليار جنيه استرليني (152.8 مليار دولار) إلى مناطق خارج جنوب شرقي إنجلترا، وأكدت ريفز أن قواعد الاستثمار التابعة لوزارة الخزانة ستعاد صياغتها لإعطاء أولوية أكبر للمشروعات التي تعزز الإنتاجية داخل منطقتي ميدلاندز والشمال.
ومن المقرر أن تقول ريفز، ضمن خطاب تلقيه هذا اليوم داخل منطقة مانشستر الكبرى، إن هذه الخطوة تشكل “تغييراً جذرياً في كيفية تعامل الحكومة مع ملفات الاستثمار في المناطق، وطريقة تقييمها لهذه المشاريع لضمان أن تحظى كل منطقة في بريطانيا بفرصة عادلة حين يتعلق الأمر بالاستثمار”.
وأضافت “بريطانيا أكثر ازدهاراً لا يمكن أن تعتمد فحسب على عدد محدود من المناطق التي تتقدم بمفردها بينما يتخلف الباقون، فنتيجة هذا النهج كان تحقيق النمو في مناطق قليلة فحسب،و لم يشعر به سوى عدد محدود من الناس، مما أدى إلى اتساع الفجوات بين الأقاليم، وبين المدن والبلدات”.
وقال مصدر حكومي إن بعض الوزارات التي توصلت إلى اتفاق مبكر مع وزارة الخزانة كانت الأكثر تضرراً في شأن خفض الموازنات، ومن بينها وزارات الخارجية والثقافة والإعلام والرياضة.
وتوصلت بعض الوزارات الأخرى، ومن بينها وزارة البيئة والتعليم، إلى اتفاق خلال وقت مبكر من هذا الأسبوع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكرت المصادر أن وزير البيئة ستيف ريد نجح في تأمين مخصصات رأس مالية لمشاريع حماية من الفيضانات ضمن تسوية موازنته.
وأفاد مصدر وزاري شارك في المفاوضات خلال الأيام الماضية بأن وزارة الخزانة باتت تدرك بصورة أفضل حجم الضغوط التي تواجهها الوزارات، مشيراً إلى أن معظم المحادثات مع السكرتير الأول في وزارة الخزانة دارين جونز، جرت ضمن أجواء ودية.
وتقدم وزارة العدل بقيادة شبانة محمود نموذجاً يُحتذى بين الوزراء، بعدما كانت من أولى الجهات الحكومية التي توصلت إلى تسوية، مما أتاح لشبانة الإعلان عن تمويل السجون.
ويشاد بالوزارة لطرحها مطالب واضحة وواقعية، إذ نجحت في تأمين جزء كبير من التمويل الذي طلبته.
لكن مصادر تشير إلى أن إيد ميليباند وإيفيت كوبر دخلا في اجتماعات حادة، طالبين التفاوض مباشرة مع وزيرة الخزانة رايتشل ريفز.
التسوية المطروحة “غير قابلة للتطبيق”
وتعد كوبر من بين أكثر الوزراء صلابة في المفاوضات الجارية، خصوصاً في ما يتعلق بملف الشرطة، إذ تعد التسوية المطروحة “غير قابلة للتطبيق” في ظل الضغوط المزدوجة لزيادة عدد أفراد الشرطة، وخفض جرائم السكاكين والعنف ضد النساء والفتيات، والتعامل مع حالات الإفراج المبكر عن السجناء.
وكان ستة من قادة الشرطة حذروا الأسبوع الماضي علناً من أن الفجوة في التمويل قد تعرض حزب “العمال” للفشل في تنفيذ وعوده الانتخابية.
وفي تطور لافت مساء أول من أمس الثلاثاء تبين أن مفوض شرطة العاصمة مارك رولي وعدداً من كبار الضباط بعثوا برسالة إلى رئيس الوزراء، يحذرونه فيها من أن المضي قدماً في الخفوض المقترحة من قبل الخزانة سيدفع أجهزة الشرطة إلى اتخاذ “قرارات صعبة” في شأن الجرائم التي يمكنها التحقيق فيها.
وذكرت صحيفة “ذا تايمز” أن الرسالة، التي أرسلت الجمعة الماضي ووقعها كل من رولي ورئيس مجلس قادة الشرطة الوطنية وغافين ستيفنز ومدير الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة وغرايم بيغار، وتضمنت تحذيراً من أن “تسوية موازنة الشرطة والوكالة الوطنية من دون استثمارات إضافية، تهدد بالعودة إلى سياسات التقشف، وهو ما ستكون له عواقب بعيدة المدى”.
من جانبه، لا يزال ميليباند في صراع مع وزارة الخزانة، لا سيما في شأن تمويل خطة “المنازل الدافئة” لعزل المنازل، والتي تشير مصادر مطلعة إلى أنها مهددة بالتقليص.
وقال أحد الوزراء إن مجالات أخرى مثل الطاقة النووية واحتجاز الكربون حصلت على تمويل، مضيفاً “لا يمكنك الحصول على كل شيء.”
وتخوض أنجيلا راينر معركتها الأساس في شأن موازنة الإسكان الميسر، بعدما كانت وعدت ريفز بإحداث “تحول جذري” في قطاع الإسكان الاجتماعي، حين أعلنت الحكومة عن تخصيص ملياري جنيه استرليني (2.7 مليار دولار) للبرنامج قبل البيان المالي الربيعي، وحينها وصف هذا المبلغ بأنه “دفعة أولى” ستتبعها مخصصات إضافية تعلن في مراجعة الإنفاق، إلا أن هذه الأموال الإضافية باتت غير مرجحة الآن.
ومن بين مشروعات النقل الإقليمي التي يُرتقب أن تحظى بدعم حكومي الأسبوع المقبل، هناك بعض المشاريع التي كانت وعدت بها حكومة “المحافظين” سابقاً دون أن تخصص لها تمويلات فعلية، ومن بينها خط سكة حديد جديد بين مانشستر وليفربول.
ويتوقع أن تتضمن حزمة تمويل بقيمة 15.6 مليار جنيه استرليني (21 مليار دولار)، أعلن عنها أمس الأربعاء، مبلغ 2.4 مليار جنيه استرليني (3.2 مليار دولار) لمنطقة ويست ميدلاندز، لتمويل توسعة شبكة المترو من وسط مدينة برمنغهام إلى “الحي الرياضي” الجديد، إلى جانب 2.1 مليار جنيه استرليني (2.8 مليار دولار) لبدء إنشاء شبكة النقل السريع داخل ويست يوركشاير بحلول عام 2028.
وستحصل منطقة مانشستر الكبرى على 2.5 مليار جنيه استرليني (3.3 مليار دولار) لمشروعات تشمل محطات ترام جديدة في بوري ومانشستر وأولدهم، وتوسعة الشبكة إلى منطقة ستوكبورت.