المصارف تسرح أكثر من 60 ألفا من موظفيها مع توقع استمرار التقليص

على رغم أن ارتفاع أسعار الفائدة يزيد من دخل وأرباح القطاع المصرفي بصورة تقليدية، إلا أن العام الحالي الذي شهد أعلى معدلات لأسعار الفائدة لم يكن عاماً سعيداً على البنوك بصورة عامة، والاستثمارية الكبرى منها بصورة خاصة، إذ شهد قطاع المصارف العالمي في 2023 إلغاء أكثر من 60 ألف وظيفة وتسريح العاملين بها فيما يعد أسوأ عام من خفض العمالة في القطاع منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 – 2009.
وهكذا توقف القطاع المصرفي عن توجه التوظيف الذي بدأه مع التعافي من أزمة وباء كورونا، بحسب ما يظهر تحليل البيانات في تقرير مفصل لصحيفة “فايننشال تايمز”.
ووفقاً للتحليل تأتي البنوك الاستثمارية في مقدمة خفض الوظائف بهدف تقليل الكلف للحفاظ على هامش الربح، وذلك نتيجة أن هذا العام كان العام الثاني الذي تعانيه من تراجع الطلب على خدماتها الاستثمارية والاستشارية مع انخفاض عدد الصفقات التي ترتبها وطروحات الأسهم الأولية.
إلى ذلك، فإن بعض الأزمات التي مر بها القطاع جعلت البنوك تلجأ للبند الأكبر الذي يمكنها من تقليص النفقات بالتالي المحافظة على هامش الربح وهو خفض العمالة، فعلى سبيل المثال أدى انهيار بنك “كريدي سويس” واستحواذ بنك “يو بي إس” عليه إلى إلغاء ما لا يقل عن 13 ألف وظيفة في البنك نتيجة الدمج، وسط توقعات أن يشهد البنك مزيداً من تقليص العمالة العام المقبل.
البنوك الاستثمارية الكبرى
وبحسب الطريقة التي استخدمها تقرير الصحيفة في حساب حجم تسريح العمالة يمكن أن يكون الرقم أكبر من ذلك، إذ إن التقرير اعتمد على الإفصاحات الرسمية للبنوك الكبرى، من دون أن يتضمن البنوك الصغيرة أو إلغاء عدد قليل من الوظائف.
وبحسب البيانات فإن أكبر 20 بنكاً عالمياً ألغت 61 ألفاً و905 وظائف هذا العام، وذلك مقارنة مع نحو 140 ألف وظيفة ألغتها البنوك ذاتها في الأزمة المالية ما بين عامي 2007 و2008.
وإذا كانت موجات تقليص الوظائف السابقة في 2015 و2019 جاءت نتيجة عدم قدرة البنوك على التعامل مع انخفاض أسعار الفائدة إلى قرب الصفر، فإن خفوضات هذا العام تأتي وأسعار الفائدة عند أعلى مستوى منذ عقود.
وتركز تسريح العاملين في المرتين السابقتين في البنوك الأوروبية التي لم تستطع الاستفادة من الاقراض.
أما هذا العام فالبنوك التي سرحت أكبر عدد من العاملين هي بنوك استثمارية كبرى مثل مصارف “وول ستريت” التي تعاني نقص الطلب على خدماتها نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن يظل الخفض الأكبر للعمالة في بنك “يو بي أس – كريدي سويس” الذي تخلى بالفعل عن 13 ألفاً ليصبح عدد العاملين فيه 116 ألفاً.
وأشار الرئيس التنفيذي لـ”يو بي أس” سيرغيو إرموتي إلى أن “العام المقبل 2024 سيكون حاسماً في عملية الدمج والاستحواذ”، في وقت يتوقع محللون أن نشهد مزيداً من خفض الوظائف وتسريح العاملين في الأشهر المقبلة.
أما البنك الثاني من حيث حجم تسريح العمالة فهو “ويلز فارغو” الذي أعلن هذا الشهر خفض عدد العاملين فيه حول العالم بمقدار 12 ألفاً، ليصبح عدد موظفيه 230 ألفاً. وتكلف البنك 186 مليون دولار في سبيل إنهاء خدمات نحو سبعة آلاف موظف أخيراً، إذ أعلن الرئيس التنفيذي للمصرف الاستثماري أنه خصص ما يصل إلى مليار دولار لكلف إنهاء خدمات عاملين، ما يعني أن عشرات الآلاف قد يفقدون وظائفهم أيضاً.
مزيد من التقليص
في غضون ذلك، ألغت بنوك “وول ستريت” الكبرى مجتمعة 30 ألف وظيفة خلال العام الحالي، منها خمسة آلاف وظيفة في “سيتي غروب” وأربعة آلاف و800 وظيفة في “مورغان ستانلي” وأربعة آلاف وظيفة في “بنك أوف أميركا” وثلاثة آلاف و200 وظيفة في “غولدمان ساكس” وألف وظيفة في “جيه بي مورغان تشيس”.
وبحسب بيانات مجموعة “كواليشن غرنيتش” فإن البنوك الاستثمارية الكبرى خفضت القوة العاملة فيها بنسبة أربعة في المئة في النصف الأول من هذا العام، ثم أقدمت على مزيد من التخفيضات في النصف الثاني من العام.
ومع استمرار ضعف الطلب على خدمات البنوك الاستثمارية، خصوصاً في ترتيب الصفقات أو طروحات السهم الأولية، ستضطر البنوك إلى مزيد من تقليص النفقات عبر إلغاء الوظائف وتسريح العاملين.
في الأثناء، يقول صاحب ومدير شركة التوظيف في القطاع المالي “سيلفر ماين بارتنرز” لي ثاكر، “ليس هناك استقرار، ولا استثمار ولا نمو في معظم البنوك، فمن المحتمل أن يكون هناك مزيد من خفض الوظائف”.
تظل هناك بنوك كبرى لم تعلن خفض وظائف هذا العام، خصوصاً بنك “إتش أس بي سي” وبنك “كومرز بنك” بعدما أقدما على سلسلة من تسريحات العاملين في السنوات الأخيرة.
وبحسب “كواليشن غرينتش” فإن النظرة المستقبلية للتوظيف في القطاع المستقبلي ربما لا تتحسن العام المقبل، بل يتوقع أن يستمر نهج تسريح العاملين الذي ساد هذا العام في 2024 أيضاً.