عالمي

الفلاح المصري… ضحية سياسات أم تاجر أزمات؟

يقف بشير العوضي، المزارع الستيني أمام حقل يزرعه متسائلاً عن جدوى مواصلة الجهد والكد فيما وتيرة أسعار مستلزمات الإنتاج لا تهدأ والمحصول مبخوس القيمة بفعل سياسات تسعيرية مجحفة ونصف دزينة من الوكلاء والسماسرة والوسطاء والتجار وصولاً لمستهلك يشكو غلاءً يقسم العوضي أنه ليس أحد أسبابه، كونه فقط الحلقة الأضعف.

ابتُلي المُزارِع المصري بتضخم مدخلات إنتاجه وتآكل هوامش أرباحه على نحو أثقل كاهله من دون أن يوفي عرق الجبين وكد السنين، وجعل من الزراعة عنواناً لمشروع غير مجدٍ، تُنثر فيه بذور الأمل فيما حصاده الخسارة، إذ لم يعد الحقل كما كان موضعاً للكسب، مع بذور وأسمدة ومبيدات وعمالة لم تكف يوماً عن القفز إلى مستويات صادمة.

مطرقة التضخم وسندان العوائد الهزيلة

كان الفلاح عماداً للأمن الغذائي وركيزة للاستقرار في الريف، قبل أن يدَرسه الغلاء وتطحنه التبعات، وتتضاعف عليه كلفة الإنتاج موسماً بعد آخر، وأمام سوق ووكلاء ووسطاء وتجار وسياسات تسعير مجحفة وبدائل مستوردة يُبخس قدر المحاصيل، ويُحشر المزارع في الزاوية بين مطرقة التضخم وسندان العوائد الهزيلة.

آخر ما تلقاه العوضي من صفعات الغلاء شراء شيكارة السماد من السوق السوداء بـ1700 جنيه (35.23 دولار) مقابل سعرها الرسمي المدعم ضمن حصص شحيحة بالجمعية الزراعية بسعر 265 جنيهاً (5.49 دولار)، وبعد أزمة نقص حادة شهدتها السوق المحلية في الأشهر الأخيرة مع توجيه الإنتاج الأكبر نحو التصدير، يظل تسميد الأرض المجهدة لضمان جودة النبت تحدياً ماثلاً بقوة.

هل يظل الفلاح هو الحلقة الأضعف؟

وعلى رغم تدخلات حكومية متفرقة عبر تحديد أسعار استلام لبعض المحاصيل أو زيادة الدعم على الأسمدة، تبقى الفجوة واسعة بين كلفة الإنتاج وسعر البيع، في واقع يثير تساؤلات مقلقة: كيف يمكن للزراعة المصرية أن تواصل دورها في تحقيق الاكتفاء الغذائي وسط هذا النزف؟، وهل يظل الفلاح هو الحلقة الأضعف التي تدفع ثمن التضخم، بينما تُترك الأسواق بلا ضوابط حقيقية تنصفه؟

 

عصفت أزمة الأسمدة بالقطاع الزراعي في البلاد خلال الآونة الأخيرة، بفعل نقص الغاز اللازم للإنتاج في المصانع، وارتفعت أسعارها في السوق الحرة إلى مستويات قياسية، وعلى رغم تأكيد وزارة الزراعة المصرية عدم اختصاصها بما يدور في تلك السوق إلا أن المزارعين يشكون عدم كفاية الأسمدة المدعمة، واتساع الفجوة بين تلك الكميات والحاجات الفعلية، ما يدفعهم مجبرين صوب تلك السوق التي تتغذى على الأزمة.

وتشكل الأسمدة المكون الأكبر من بين مكونات الإنتاج الزراعي بنحو 32 في المئة من إجمالي الكلفة، في وقت تعتمد الزراعة في البلاد على الأسمدة الكيماوية بنحو 97 في المئة.

ارتفاع أسعار الأسمدة في مصر

وشهد قطاع إنتاج الأسمدة ارتفاعاً عالمياً في الأشهر الأخيرة، بفعل تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط، حتى أن تقديرات لـ”بلومبيرغ” تكشف عن تأثر منشآت إنتاج اليوريا على الخليج العربي بالحرب في المنطقة، في وقت يُستخرج خلاله نصف صادرات العالم من تلك الأسمدة عبر تلك المنشآت.

وخفضت مصر وإيران، اللتان تشكلا معاً نحو 20 في المئة من تجارة اليوريا العالمية إنتاجهما بشكل كبير منذ العام الماضي، على خلفية التوترات التي تعانيها المنطقة منذ نحو عامين، بفعل الحرب في غزة واضطرابات الملاحة في البحر الأحمر.

وبحسب بيانات بوابة الأسعار التابعة لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري، بلغ متوسط سعر نترات النشادر 33.5 في المئة المخصوص نحو 23710 جنيهات (491.29 دولار) للطن، بارتفاع 1455 جنيهاً (30.15 دولار) عن سعره السابق، في حين تراوحت أسعار طن نترات نشادر 33.5 في المئة المخصوص ما بين 20 ألف جنيه و27 ألفاً (414.42 و559.46 دولار).

كم يسهم القطاع الزراعي؟

أما عن أسعار اليوريا في الأسواق، فبلغ متوسط سعر صنف اليوريا 46.5 في المئة المخصوص نحو 25162 جنيهاً (521.38 دولار) للطن، بارتفاع 1293 جنيهاً (26.79 دولار) عن سعره السابق مطلع سبتمبر (أيلول) الجاري.

ويسهم القطاع الزراعي في مصر بـ12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويدعم ميزان البلاد التجاري بما يصل سنوياً إلى 5 مليارات دولار، في حين يوفر فرص عمل لنحو 6 ملايين عامل ما يمثل 19 في المئة من إجمالي عدد المشتغلين بالمناطق الريفية، بحسب بيانات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية.

 

وتثقل إيجارات الأراضي الزراعية في البلاد كاهل المزارعين، إذ تقدر إجمالاً في المتوسط بـ30 ألف جنيه (621.63 دولار) للفدان، وقد يصل إلى 60 ألفاً (1243.26 دولار) في بعض المناطق بمحافظات الدلتا والقاهرة الكبرى وصعيد مصر، بجانب أعباء مصروفات موسم الحصاد وغيرها من أعمال الحرث والتزحيف.

ماذا يقول الخبراء عن الأزمة؟

“اندبندنت عربية” تحدثت إلى عدد من المتخصصين في المجال الزراعي، ممن قالوا إن بعض القرارات الحكومية على أرض الواقع لا تخدم السياسات والأهداف المعلنة الرامية لزيادة إنتاجية القطاع، فالنشاط بما يعانيه من تضخم في مستلزمات الإنتاج وسياسات تسعيرية مشوهة لا تراعي الكلفة وضمان صون حق المزارع في الربحية قد يكون طارداً للعاملين به إلى بدائل استثمارية أسهل وأجدى.

أما منظومة توزيع الأسمدة بما يعيبها من شُح بالمعروض وخلل في التوزيع، يضيف المتخصصون أنها حرمت كثيراً من المزارعين دعم الدولة للنشاط الزراعي، وجعلتهم في مواجهة تحديات طاردة من القطاع الإنتاجي الحيوي، وهو ما يتعين معه التدخل لتوفير أشكال من الحماية والمساندة.

نقيب الفلاحين حسين عبد الرحمن أبو صدام، شكا ارتفاع مستلزمات الإنتاج إلى مستويات قياسية، ويقول إن الأسمدة كمكون رئيس في تلك المستلزمات بما تمثله من غذاء أساس للإنبات طوال دورات الإنتاج الزراعية كل عام، شهدت قفزات موجعة.

أسعار الأسمدة في السوق السوداء

وأمام أراضٍ منهكة تبدو الحاجة مُلحة إلى الكثير من التسميد الكيماوي، بحسب ما يضيف أبو صدام، الذي يرى أن تلك الحاجة في مواجهة مع واقع صعب، يتمثل في تواضع الكميات المدعمة والمطروحة حكومياً في الجمعيات الزراعية، فيما يجد كثيرون ضالتهم في السوق السوداء لتدبير حاجاتهم.

تبدأ المشكلة في الظهور مع اتجاه المزارعين إلى السوق السوداء، فالأسعار هناك، كما يوضح أبو صدام أربعة أضعاف مثيلاتها المدعمة داخل الجمعيات الزراعية، ثم أن هناك أيضاً مكوناً آخر أسهم في رفع كلفة الإنتاج الزراعي، التقاوي والبذور.

عن التقاوي والبذور، يشير أبو صدام إلى أن أسعارها ارتفعت على نحو مماثل لأسعار الأسمدة، خصوصاً مع استيراد البلاد قرابة 98 في المئة من تقاوي الخضر، مثل البطاطس والطماطم والبنجر.

توقعات بارتفاع في أسعار السماد

وقبل أيام، أقرت الحكومة زيادة في أسعار الغاز الطبيعي الموجه إلى المصانع، بحد أدنى دولار واحد لكل مليون وحدة حرارية، وبموجب القرار، أصبح سعر الغاز 4.5 دولار لقطاع الأسمدة الأزوتية، و5.7 دولار لقطاع الأسمدة غير الأزوتية، وتزامنت الخطوة مع تقارير تشير إلى أن السلطات تدرس إلغاء دعم الغاز للقطاع الصناعي خلال ثلاث سنوات، عبر خطة لرفع الأسعار تدريجاً، من دون تحديد موعد الزيادة المقبلة.

 

وبينما هو يتحدث، إذ يضيف عاملاً ثالثاً وراء ارتفاع فاتورة الإنتاج الزراعي في البلاد هو المبيدات الزراعية، فمع التغيرات المناخية تزداد وتيرة الإصابة بالأمراض والعدوى المختلفة حتى أصبحت حاجة المزارع للكثير من المبيدات ضرورية أكثر من أي وقت مضى.

ويشكّل التغير المناخي واحداً من أبرز التحديات التي تواجه القطاع الزراعي في مصر، إذ لم تعد تداعياته مقتصرة على ندرة المياه أو تراجع إنتاجية الأراضي، بل امتدت لتفاقم انتشار الأمراض الزراعية والآفات التي تهدد الأمن الغذائي.

مصروفات المبيدات والآلات الزراعية

وأسهمت عوامل ارتفاع درجات الحرارة، وعدم انتظام مواسم الأمطار، وتبدل أنماط الرطوبة، جميعها في تهيئة بيئة مثالية لتكاثر الحشرات ونشاط الفطريات والفيروسات المسببة لأمراض المحاصيل.

ثم يتحدث نقيب الفلاحين في مصر عن الآلات الزراعية باعتبارها أحد المكونات الدافعة لارتفاع كلفة الزراعة في البلاد، خصوصاً مع ارتفاع أسعار الوقود الذي يجعل من مصروفات تلك الآلات في غير متناول الكثيرين.

وهناك إيجارات الأراضي الزراعية التي شهدت ارتفاعات متلاحقة في الأعوام الأخيرة بحسب المتحدث، إذ بلغ متوسط إيجار الفدان 30 ألف جنيه (621.63 دولار) ويصل إلى 50 و60 ألفاً (1036.05 و1243.26 دولار) في بعض المناطق تبعاً لجودة التربة وإمكانات الري.

كلفة عالية وأرباح هزيلة

وبينما تُقابل المحاصيل في مواسم الحصاد بسياسات تسعيرية مجحفة بجهود المزارعين، يرى نقيب الفلاحين، أن الأمر خاضع لآليات العرض والطلب، إذ إن وفرة المعروض تدفع الأسعار هبوطاً والعكس بالعكس، لكن أهم ما ينادي به المتحدث هو تعميم الزراعات التعاقدية التي تقي المزارعين تبعات الخسارة، وتضمن لهم جني عوائد عادلة وأسعار توريد مجزية قبل الشروع في موسم الزراعة.

وتراجعت القيمة الشرائية للجنيه المصري منذ عام 2016 حين عوّمت القاهرة العملة المحلية في إطار اتفاقات مع صندوق النقد الدولي، لترتفع قيمة الدولار من نحو ثمانية جنيهات آنذاك إلى قرابة 48 جنيهاً اليوم، وخلال هذه السنوات، واجهت البلاد سلسلة من الإجراءات الإصلاحية القاسية، شملت رفع أسعار الوقود والكهرباء والخدمات المختلفة.

وتأتي المشروعات الزراعية على رأس تلك المصنفة ذات عوائد مجزية لولا جملة من التحديات يتناولها أستاذ الاقتصاد الزراعي عبد الحكيم نور الدين، فيرى في حديثه لنا، أن النشاط مربح لكن عوائده اليوم ربما تقل عن عوائد الأموال المودعة في البنوك، والسبب الارتفاع المتواصل في أسعار مستلزمات الإنتاج مقابل تآكل الأرباح، مع وجود سوقين: حكومية (جمعيات زراعية) بأسعار معقولة للمزارعين وأخرى حرة لا تنفك فيها الأسعار عن الزيادة.

حرمان الكثير من المزارعين

ويلفت نور الدين إلى أسعار اليوريا، كمثال في السوق المدعمة ممثلة في الجمعيات الزراعية، ويقول إن سعر الطن بها لا يتجاوز 6000 جنيه (124.33 دولار)، في حين يرتفع في السوق الحرة ليراوح ما بين 30000 و35000 جنيه (621.63 و725.23 دولار).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والإشكالية كما يشر إليها في حرمان فئات كثيرة من مستلزمات الإنتاج المدعمة بعد تطبيق منظومة الكارت الذكي، أو ما يعرف “كارت الفلاح” والذي يقصر المستلزمات المدعمة على أصحاب حيازات الأرض المملوكة والمؤجرة والمقننة من دون المزارعين من فئة “وضع اليد”.

والمزارعون من الفئة الأخيرة، مطالبين بمواصلة زراعة الأرض لإثبات الجدية ومن ثم التقنين لاستحقاق المستلزمات المدعمة بعد ذلك، بحسب نور الدين، وهم مجبرون على تدبير حاجاتهم من السوق السوداء بأسعار تصل إلى 1750 جنيهاً (36.26 دولار) لشيكارة اليوريا مقابل نحو 250 جنيهاً (5.18 دولار) في الجمعية الزراعية، وهو ما يجعلهم أمام تحدي تغطية كلفة الإنتاج في نهاية الموسم.

الأسعار التعاقدية وتحفيز المزارعين

ويلفت نور الدين إلى ارتفاع أسعار المبيدات الزراعية والتقاوي والبذور، بجانب ارتفاع تعريفة السولار للميكنة الزراعية في أعمال الري أو الحرث أو التزحيف والليزر وكذلك الحصاد، وكلها مصروفات تضاف إلى كلفة الإنتاج الزراعي، وتثقل كاهل المزارعين بما تضيفه من أعباء.

لكن أهم ما يتعين على الحكومة أن تتبناه، يدعو أستاذ الاقتصاد والزراعة، إلى تقديم المستلزمات الإنتاجية المدعمة للمزارعين تحت التقنين ومراقبة مدى جديتهم في النشاط الزراعي أو سحب الأرض في المقابل، خصوصاً أن الحيازة ليست سنداً للملكية، فلا يستقيم منطقاً أن تطالب المزارعين غير المدعومين بالتقنين وسداد الأقساط، وتحرمهم في المقابل من إمكانات الدعم ومواصلة الإنتاج.

وينصح المتحدث بوجوب اتباع منظومة الأسعار التعاقدية وتحفيز المزارعين عبر أسعار عادلة من دون خسارة، والعمل على دعم مستلزمات الإنتاج وعدم تركها لآليات العرض والطلب.

كم يربح التجار في السوق؟

أما عن وصول أسعار الخضر والفاكهة إلى المستهلك النهائي بأسعار مبالغ بها، فيحمل المتخصص، حلقات التداول مسؤولية ذلك ويرى أن السماسرة والوسطاء وتجار الجملة والتجزئة يستحوذون على 60 في المئة من الربح مقابل 40 في المئة للمزارعين.

ويُفَصل في المسألة قائلاً إنه في حال المحاصيل سريعة التلف مثل الخضر والفاكهة يضطر المزارع للخضوع لأسعار التجار بعكس محاصيل الحبوب الجافة التي يتمتع فيها بمرونة أكبر تمكنه من تخزين تلك المنتجات لحين الحصول على السعر المناسب.

وتكشفت بيانات رسمية حديثة عن تسجيل معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية 12 في المئة خلال أغسطس (آب) الماضي، مقابل 13.9 في المئة في يوليو (تموز) مدفوعاً بارتفاع أسعار الخضر والفاكهة واللحوم والدواجن، من ذروته البالغة 38 في المئة في سبتمبر (أيلول) 2023.

كيف ندعم الفلاح المصري؟

من جانبه، يتفق أستاذ الاقتصاد الزراعي مدحت عنيبر مع جملة التحديات التي تواجه المنظومة الزراعية في البلاد، من ارتفاع للكلفة وتقلبات الأسعار، ويضيف محدودية الموارد المائية إلى ما سبق، مشيراً إلى أن الفلاح المصري في مواجهة تحديات متراكمة، على رغم أنه يمثل خط دفاع أول عن أمن البلاد الغذائي.

ولا ينكر عنيبر على الدولة دعمها ومساندتها للفلاحين عبر حزمة من أدوات الدعم تشمل التدريب والإرشاد والقروض الميسرة، بهدف تخفيف أعباء الإنتاج الزراعي وتمكين المزارعين من مواصلة النشاط، لكنه يشدد على ضرورة حشد الموارد والطاقات لدعم هذا القطاع الحيوي، والاستفادة من إمكانات مراكز البحوث الزراعية في نقل التجارب التطبيقية إلى الحقول مباشرة.

ثم ها هو يعول على الرقمنة كسبيل لمساعدة الفلاحين في مواجهة عديد من التحديات، بدءاً من ترشيد استهلاك المياه وتوزيع عادل للأسمدة، ورفع الإنتاج من حيث الحجم والجودة، بحسب ما يصف.

متطلبات الدولة ومصالح المزارعين

ومع تزايد دعوات الخبراء والمتخصصين لمواصلة دعم الفلاح المصري في معركة تعزيز الإنتاج، يترقب العوضي، شأنه شأن كثير من المزارعين، أن تجد هذه المطالب صدى لدى صانعي القرار، بما يفتح الباب أمام مراجعة منظومات الدعم والمساندة للقطاع الزراعي، على نحو يوازن بين متطلبات الدولة ومصالح المزارعين، من دون أن يلحق الضرر بهم.

يأمل العوضي في شيخوخته ألا يكون شاهداً على زمن تبدلت فيه الأرض من ساحة للرزق إلى عبء ثقيل على الكاهل، ينظر إلى حقله الممتد أمامه وقد أنهكته كلفة السماد والبذور والمبيدات، فيما يده الغارقة في الطين لم تعد تجلب له سوى فتات لا يسد رمق بيته.

يعرف الرجل، كما يعرف آلاف المزارعين من حوله، أن الزراعة لم تفقد روحها، وأنها على الأرجح لن تتُرك وحيدة في معركة غير متكافئة، في وقت تترقب الأعين قراراً ينصف الفلاح ويعيد له مكانته، وتظل الأمنيات معلقة في أن يأتي يوم تعود فيه الأرض مصدر عز وفخار، لا مجرد ساحة تُنثر فيها بذور الأمل لتحصد الخسارة.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى