عالمي

الركود يضرب سوق الإسكان: منازل لندن الجديدة بلا مشترين

تعد مشاريع البناء الجديدة في لندن الحل المفترض لأزمة السكن التي تعصف بالعاصمة البريطانية، لكن هذه المشاريع باتت اليوم تواجه عزوفاً متزايداً من المشترين، في ظل تباطؤ حاد في وتيرة البناء وتراجع الإقبال على الشراء.

وتشير بيانات صادرة عن شركة الاستشارات العقارية “موليور” إلى أن ما لا يتجاوز ستة في المئة فقط من أصل 176 ألف وحدة سكنية وعد ببنائها عمدة لندن صادق خان خلال العامين المقبلين سينفذ فعلياً، بعدما تخلى عدد من المطورين عن مواقع البناء.

وتلقى المسؤولية على عوامل متعددة، من البيروقراطية المعقدة إلى فرض بيع أكثر من ثلث الوحدات بأسعار مخفضة، غير أن أحد الأسباب الجوهرية وراء الأزمة يتمثل في عزوف المشترين عن اقتناء المنازل الجديدة.

في النصف الأول من هذا العام، بيعت 3946 وحدة سكنية جديدة فقط في لندن، بتراجع 30 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، وهو أدنى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية، وفقاً لتحليل وكالة “هامبتونز”.

ويعزى التراجع إلى ارتفاع كلفة المعيشة وزيادة الضرائب العقارية، إذ خفض الإعفاء من ضريبة الدمغة في أبريل (نيسان) الماضي من 250 ألف جنيه استرليني (328.97 دولاراً) إلى 125 ألف جنيه استرليني (164.49 دولاراً)، فيما انخفض الحد الأدنى للمشترين للمرة الأولى من 425 ألف جنيه استرليني (559.26 دولاراً) إلى 300 ألف جنيه استرليني (394.77 دولاراً)، مما زاد متوسط الكلفة بنحو 7 آلاف جنيه استرليني (9.21 آلاف دولار).

وتظهر بيانات “السجل العقاري” أن مبيعات الشقق الجديدة تراجعت بصورة حادة في مايو (أيار) الماضي، إذ لم تسجل سوى 19 صفقة في العاصمة.

الأسعار الباهظة وشروط التمويل الصارمة

يقول الباحث في مؤسسة “بيلت بليس”، نيل هدسون، لصحيفة “تليغراف”، إن نقص المعروض لم يترجم إلى زيادة في الطلب بسبب الأسعار الباهظة وشروط التمويل الصارمة.

ويضيف أن أسعار الفائدة المرتفعة منذ أزمة موازنة ليز تراس في 2022 جعلت الرهون العقارية غير متاحة لمعظم المشترين.

وتشير أرقام مكتب الإحصاءات الوطني إلى أن متوسط سعر المنزل في لندن يزيد بأكثر من 13 ضعفاً على متوسط الدخل السنوي، مقابل ثمانية أضعاف في بقية أنحاء إنجلترا.

وحتى أصحاب الدخول المرتفعة يواجهون صعوبة في الشراء، إذ يحتاج المشترون للمرة الأولى إلى نحو 125 ألف جنيه استرليني (164.49 ألف دولار) كدفعة أولى، أي ضعف المتوسط الوطني تقريباً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الوقت نفسه تستنزف الإيجارات المرتفعة القدرة على الادخار، إذ يبلغ متوسط الإيجار الشهري في لندن 2121 جنيهاً استرلينياً (2791 دولاراً)، فيما ينفق الموظف المتوسط الدخل أكثر من 40 في المئة من راتبه على السكن.

ويشير تحليل من شركة “إنفستروبا” إلى أن المساكن الجديدة في لندن تباع بسعر أعلى بنحو 3300 جنيه استرليني (4342 دولاراً) للمتر المربع مقارنة بالمنازل القديمة، وهو ما جعلها خارج متناول معظم السكان، وتراجع عدد مشاريع البناء الجديدة بأكثر من 70 في المئة خلال العام الماضي، بحسب مركز الدراسات السياسية “سنتر فور بوليسي ستاديز”.

تراجع إقبال المشترين الأجانب على العقارات البريطانية

وحتى المشترون الأجانب الذين شكلوا لعقود دعامة رئيسة لسوق الإسكان في العاصمة تراجعوا، إذ انخفضت نسبتهم إلى ثلاثة في المئة فقط من إجمالي المشترين خلال الربع الأول من 2025، مقارنة بثمانية في المئة عام 2009.

ويقول هدسون إن المشكلة الأساسية تتعلق بـ”المنتج والسعر”، موضحاً أن الوحدات الجديدة لم تعد جذابة أو ميسورة الكلفة لغالبية سكان لندن.

وتتفاقم التحديات بسبب ارتفاع رسوم الخدمات السنوية التي يدفعها المالكون مقابل صيانة المباني والمرافق، إذ يبلغ متوسطها 3912 جنيهاً استرلينياً (5147 دولاراً) سنوياً، فيما يدفع واحد من كل 10 أكثر من 7 آلاف جنيه استرليني (9.21 آلاف دولار)، مما يقلل من قيمة إعادة البيع ويجعل بعض الوحدات غير مؤهلة للرهن العقاري.

وفي محاولة لإنعاش قطاع البناء، خفض صادق خان الأسبوع الماضي النسبة الإلزامية للمساكن الميسرة في المشاريع الجديدة من 35 في المئة إلى 20 في المئة لجذب المستثمرين، لكنه لا يزال يواجه انتقادات في شأن سياسات تخطيطية معقدة وقواعد سلامة صارمة فرضت بعد حريق برج غرينفيل، مما جعل بناء الأبراج السكنية الجديدة في العاصمة أكثر صعوبة وكلفة من أي وقت مضى.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى