الذهب والفضة والدولار و”بيتكوين”… ما الحصان الرابح في 2025؟

في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار نحو الذهب، مع صدارته لأسواق الأصول والملاذات الآمنة في أوقات الأزمات وحالة عدم اليقين الاقتصادي، سجلت الفضة مكاسب ضخمة منذ بداية العام الحالي وحتى الآن، متصدرة جميع مكاسب الأسواق بعد تخطيها ارتفاعات الذهب و”بيتكوين” والدولار الأميركي الذي يواجه ضغوطاً قاسية.
وفيما سجل المعدن النفيس زيادة بأكثر من 40 في المئة منذ بداية العام الحالي، سجلت “بيتكوين” وهي العملة الأقوى في سوق المشفرات زيادة بنسبة 22 في المئة على رغم رهان شريحة كبيرة من المستثمرين على صعودها بنسب قياسية، لكن في المقابل، سجل الدولار الأميركي خسائر عنيفة مقابل سلة العملات العالمية، ومن المتوقع أن يواصل النزول في ظل حرص الإدارة الأميركية على خفضه لتعزيز الصناعة ودعم الصادرات الأميركية.
وتترقب الأسواق صدور بيانات إعانات البطالة الأميركية وقراءة مؤشر أسعار المستهلكين مع توقعات بارتفاعه على أساس سنوي إلى 2.9 في المئة خلال أغسطس (آب) الماضي، بعدما ارتفع إلى 2.7 في المئة في الشهر السابق.
وقد تؤثر تلك البيانات في قرار مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) في اجتماع الأسبوع المقبل، مع توقعات واسعة النطاق بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، مما يعزز من مكاسب الفضة والذهب خلال الفترة المقبلة.
الحصة السوقية للفضة تقفز إلى 2372 مليار دولار
إلى ذلك، سجلت الفضة مكاسب قوية منذ بداية العام الحالي، إذ قفز سعر الأونصة بنسبة 41 في المئة بمكاسب بلغت نحو 12.05 دولار، وارتفع سعر الأونصة من 29.38 دولار في بداية تعاملات 2025، إلى نحو 41.43 دولار في الوقت الحالي.
وقفزت حصتها السوقية في إجمالي الأصول، بنسبة 40.8 في المئة، بعدما ارتفعت بقيمة 688 مليار دولار، إذ زادت من 1684 مليار دولار في بداية تعاملات العام، إلى نحو 2372 مليار دولار في الوقت الحالي.
في مذكرة بحثية سابقة، توقعت مجموعة “سيتي روب”، أن يواصل سعر الفضة ارتفاعه ليتجاوز مستوى 40 دولاراً للأونصة خلال الأشهر المقبلة. ورفع البنك توقعاته لسعر الفضة على مدى ثلاثة أشهر من 38 دولاراً إلى 40 دولاراً للأونصة، كما رفع التوقعات على مدى 6 إلى 12 شهراً إلى 43 دولاراً، مشيرة إلى شح المعروض الفعلي وزيادة الطلب الاستثماري عليها.
وفي ظل التحولات الكبرى التي يشهدها الاقتصاد العالمي، يبدو أن الفضة تستعد لتصدر المشهد المالي خلال النصف الثاني من 2025، بعد أن سجلت نمواً بنسبة 24 في المئة في سعر الأونصة خلال النصف الأول فحسب من العام، لكن المثير للانتباه ليس فحسب النمو المحقق، بل ما يتوقعه الملياردير الأميركي روبرت كيوساكي مؤلف الكتاب الشهير “الأب الغني، الأب الفقير”.
إذ رجح أن تشهد أسعار الفضة انفجاراً حقيقياً اعتباراً من سبتمبر (أيلول) الجاري، قائلاً “الأسعار الحالية غير واقعية، والقيمة الحقيقية للفضة أعلى بكثير مما تعكسه الأسواق حالياً”، مشيراً إلى أن الفضة قد تتضاعف بين مرتين إلى خمس مرات خلال العام الحالي، وهو ما يعني أن سعر الأونصة قد يقفز إلى أكثر من 170 دولاراً، مقارنة مع نحو 36 دولاراً فقط في بداية يوليو (تموز)2025.
ويتزايد الطلب على الفضة بوتيرة سريعة نتيجة دخولها في عدد من الصناعات الحيوية، أبرزها صناعة الخلايا الشمسية، توربينات الرياح، تصنيع المركبات الكهربائية، والأجهزة الإلكترونية والتكنولوجية الحديثة.
وبينما تتجه الحكومات والشركات حول العالم نحو الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة، فإن الفضة باتت تعامل كسلعة استراتيجية وليس فقط كأداة تحوط مالي.
الذهب يصعد بأكثر من 40 في المئة
بالنسبة إلى الذهب، فقد سجل ارتفاعاً بنسبة 40.2 في المئة متصدراً جميع الأسواق الرابحة في 2025، مستفيداً من تفاقم حالة عدم اليقين الاقتصادي واتجاه البنوك المركزية بقيادة “الفيدرالي” إلى خفض أسعار الفائدة، مما دفع المستثمرين إلى الأصول الآمنة.
ومنذ الربع الثاني من 2022، وحتى نهاية النصف الأول من العام الحالي، بلغت حصيلة مشتريات البنوك المركزية من الذهب نحو 3552.72 طن من الذهب، بينما سجلت المشتريات في النصف الأول من العام الحالي من الذهب نحو 415.03 طن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسجلت أونصة الذهب زيادة بنسبة 40.2 في المئة بمكاسب بلغت نحو 1051 دولاراً، بعدما قفزت من 2616 دولاراً في بداية تعاملات 2025، إلى 3667 دولاراً في الوقت الحالي، مسجلة بذلك أعلى مستوى على الإطلاق.
في التعاملات الأخيرة، انخفضت أسعار الذهب خلال تعاملات جلسة أمس الخميس، مع ترقب صدور بيانات التضخم الأميركية، بعد تراجع أسعار المنتجين الذي عزز احتمالية خفض الفائدة.
وتراجعت العقود الآجلة للذهب تسليم ديسمبر (كانون الأول) المقبل بنسبة 0.4 في المئة بما يعادل نحو 14.9 دولار لتصل إلى 3667.1 دولار للأوقية، في حين انخفض سعر التسليم الفوري بنسبة 0.29 في المئة بما يعادل 10.7 دولار عند 3630.04 دولار للأوقية.
الدولار الأميركي يواجه خسائر عنيفة
في سوق العملات، فقد انخفضت قيمة الدولار الأميركي مقابل العملات الأخرى بنحو 11 في المئة في النصف الأول من هذا العام، وهو أكبر انخفاض منذ أكثر من 50 عاماً، منهية بذلك دورة صعود استمرت 15 عاماً.
وتشير تقديرات بنك “مورغان ستانلي”، إلى أن العملة الأميركية قد تفقد 10 في المئة أخرى من قيمتها بحلول نهاية عام 2026.
وعلى رغم التعافي بنسبة 3.2 في المئة خلال يوليو الماضي، لكن التأثير المتأخر للرسوم الجمركية في النمو والبطالة، إلى جانب عدم اليقين السياسي من المرجح أن يبقي الضغوط السلبية على الدولار، وأضاف المستثمرون الأجانب تحوطات إلى تعرضهم للأصول الأميركية، وهو من المرجح أن يؤدي إلى إضعاف الدولار بصورة أكبر.
وأنهى الدولار الأميركي النصف الأول من عام 2025 بأكبر خسارة له منذ عام 1973، بعد أن انخفض مؤشر الدولار (يقيس العملة الخضراء مقابل سلة من عملات شركاء الولايات المتحدة التجاريين الرئيسين) بنحو 11 في المئة من يناير (كانون الثاني) 2025 حتى نهاية يونيو (حزيران) الماضي.
ويمثل هذا الانخفاض أيضاً نهاية دورة صعود هيكلية للدولار، والتي بدأت في عام 2010 وانتهت في عام 2024 بمكسب تراكمي بلغ نحو 40 في المئة. وعلى رغم أن الورقة الأميركية الخضراء سجلت ارتفاعاً خلال يوليو الماضي، لكن رئيس استراتيجية العملات الأجنبية لمجموعة العشرة في بنك “مورغان ستانلي” ديفيد آدامز يرى أنه من المرجح أننا في فترة الاستراحة وليس في النهاية، متوقعاً أن يأتي الفصل الثاني من ضعف الدولار خلال الاثني عشر شهراً المقبلة، مع تقارب أسعار الفائدة ومعدلات النمو في الولايات المتحدة مع مثيلاتها في بقية العالم.
“بيتكوين” تقفز بنسبة 22 في المئة في 2025
بالنسبة لـ”بيتكوين”، فقد سجلت ارتفاعاً بنسبة 22 في المئة في سعرها منذ بداية 2025 وحتى الآن، إذ ارتفع سعر أقوى عملة في سوق المشفرات من 93530 دولاراً في بداية 2025، إلى نحو 114142 دولاراً في الوقت الحالي، بمكاسب بلغت نحو 20612 دولاراً.
فيما سجلت قيمتها السوقية المجمعة زيادة بنسبة 22.7 في المئة بمكاسب بلغت نحو 411.51 مليار دولار، بعدما قفزت قيمتها السوقية من 1852.18 مليار دولار في بداية تعاملات 2025، إلى نحو 2273.67 مليار دولار في الوقت الحالي.
ووفق موقع “ديلي فوركس”، توقع رئيس الأبحاث في “فاندستارت غلوبال إدفيسور” توم لي أن يشهد سعر الـ”بيتكوين” قفزة كبيرة ليصل إلى 200 ألف دولار قبل انتهاء عام 2025، معتمداً في توقعاته على قرارات السياسة النقدية لـ”الفيدرالي”، موضحاً أن العملات المشفرة، بما فيها “بيتكوين” و”إيثريوم”، تتأثر بصورة كبيرة بتحركات “الفيدرالي”، خصوصاً إذا اتجه نحو خفض أسعار الفائدة بصورة متسارعة، مما قد يعزز أداء سوق العملات الرقمية في الربع الأخير من العام.
وأشار إلى أن بيانات حديثة كشفت عن تباطؤ في سوق العمل الأميركي، إذ تتوقع أسواق السندات ثلاثة خفوض في أسعار الفائدة خلال 2025، بينما يتوقع “الفيدرالي” خفضين فحسب. وأكد أن تراجع التوظيف يصعب عكسه بسرعة، مما قد يدفع “الفيدرالي” لتسريع وتيرة الخفوض، هذا التوجه قد يحفز سوق الإسكان، ويعزز ثقة الشركات، ويدعم الاقتصاد، مما ينعكس إيجاباً على أسعار العملات الرقمية.
وذكر، أن سعر “بيتكوين” عادة ما يشهد ارتفاعات قوية في الربع الأخير من العام، خصوصاً خلال فترات التيسير النقدي، واستشهد بتجارب سابقة في عامي 1998 و2024، لافتاً إلى أن الأسهم، التي غالباً تتحرك بالتوازي مع العملات المشفرة، تستفيد من السياسات التوسعية، مما يجعل الـ”بيتكوين” مرشحة لتحقيق مكاسب كبيرة خلال الفترة المقبلة.