البطالة والتباطؤ الاقتصادي يدفعان “المركزي البريطاني” نحو خفض الفائدة

من المتوقع أن يخفض بنك إنجلترا أسعار الفائدة هذا الأسبوع، في محاولة لحماية الاقتصاد من الانكماش، وسط ارتفاع معدلات البطالة وتزايد الضغوط على التجارة العالمية بفعل جولة جديدة من الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
ويتوقع المستثمرون في أسواق المال أن تخفض لجنة السياسة النقدية المكونة من تسعة أعضاء، الخميس المقبل سعر الفائدة الرئيس بمقدار 0.25 نقطة مئوية ليصل إلى أربعة في المئة عند اجتماعها في خامس خفض للفائدة منذ أغسطس (آب) 2024، مما يعيد المعدل إلى مستوياته خلال مارس (آذار) 2023.
وتشير توقعات الأسواق إلى احتمالات تتجاوز 80 في المئة لحدوث الخفض هذا الأسبوع، مع ترجيح خفض آخر قبل نهاية العام. ومن شأن هذا القرار أن يحظى بترحيب الحكومة البريطانية، إذ تأمل وزيرة الخزانة راشيل ريفز أن يسهم في تقليل أعباء القروض العقارية وخفض كلفة الاقتراض عن الشركات التي تعاني ضائقة مالية.
لكن خلال الوقت نفسه، يسلط القرار الضوء على الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد البريطاني في ظل تباطؤ النمو وتزايد الضغوط التضخمية، مما يعقد مهمة الحكومة الساعية إلى إنعاش النشاط الاقتصادي مع تقليص النفقات قبل موازنة الخريف.
ما هي توقعات الخميس؟
وسجل الاقتصاد انكماشاً بنسبة 0.1 في المئة خلال مايو (أيار) الماضي و0.3 في المئة خلال أبريل (نيسان) الماضي، ويعزى ذلك جزئياً إلى حال عدم اليقين المرتبطة برسوم ترمب الجديدة، إضافة إلى الزيادات الضريبية التي فرضت على قطاع الأعمال في موازنة أكتوبر (تشرين الأول) 2024، ودخلت حيز التنفيذ خلال أبريل الماضي.
في الوقت ذاته، انخفض عدد الوظائف الشاغرة إلى ما دون مستويات ما قبل الجائحة، وارتفع معدل البطالة إلى 4.7 في المئة خلال الأشهر الثلاثة المنتهية خلال مايو الماضي، وهو أعلى مستوى يسجل منذ يونيو (حزيران) 2021.
وعلى رغم توقيع ترمب اتفاقاً مع بريطانيا يضع سقفاً جمركياً على معظم السلع بنسبة 10 في المئة، أعلن أول من أمس الجمعة عن رسوم جديدة تصل إلى 50 في المئة على شركاء تجاريين، مما ألقى بظلال ثقيلة على آفاق النمو العالمي.
ويتوقع أن تكشف لجنة السياسة النقدية الخميس المقبل عن توقعات اقتصادية أكثر تشاؤماً، مع تحذيرات من دخول البلاد في مرحلة “ركود تضخمي”، نتيجة تباطؤ النمو وبقاء التضخم عند مستويات مرتفعة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبلغ معدل التضخم السنوي 3.6 في المئة حتى يونيو الماضي، متجاوزاً هدف البنك البالغ اثنين في المئة، وقال كبير المستشارين الاقتصاديين في “EY Item Club” مات سوانيل إن ارتفاع البطالة وتراجع نمو الأجور أسرع من توقعات البنك يشير إلى ضعف سوق العمل، ومع ذلك فإن ارتفاع التضخم الغذائي خلال يونيو قد يدفع بعض أعضاء اللجنة إلى التريث في دعم خفض الفائدة.
لماذا يتجه “المركزي” للخفض؟
وأشار سوانيل إلى أن استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساس، مثل اللحوم والزبدة، يؤثر في توقعات الأسر للتضخم، وهو مؤشر أساس لدى لجنة السياسة النقدية في قياس خطر استمرار الضغوط السعرية.
وعلى رغم أن التضخم المرتفع قد يبدو عائقاً أمام خفض الفائدة، فإن غالب الضغوط التضخمية مرتبطة بارتفاع أسعار الوقود والطاقة عالمياً، ويبدو البنك المركزي واثقاً من أنها ستتراجع تدريجاً من دون الحاجة إلى تدخل حاد.
ويعتقد مراقبون أن خفض الفائدة ضروري خلال الوقت الراهن لتفادي تفاقم التباطؤ الاقتصادي، خصوصاً أن الناتج المحلي تراجع خلال أبريل ومايو الماضيين، وسط تزايد الغموض العالمي وتصاعد الحرب التجارية، علاوة على أن تباطؤ الأجور وضعف سوق العمل يحدان من خطر حدوث موجة تضخمية جديدة.
ومن المتوقع أن يؤدي خفض الفائدة إلى انخفاض أسعار الادخار، وبخاصة الحسابات ذات الوصول السهل، والتي تتأثر سريعاً بتغيرات سعر الفائدة الأساس. وفي المقابل، قد تبقى أسعار الفائدة الثابتة مستقرة نسبياً، مما يوفر فرصاً أفضل للمدخرين الراغبين في تجميد أموالهم لفترة محددة.