عالمي

الاتفاق التجاري بين أميركا وبريطانيا يصل محطة التعثر

عندما أصبحت بريطانيا أول دولة تبرم اتفاقاً تجارياً مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مايو (أيار) الماضي، حذر منتقدون من أن بنود الاتفاق فضفاضة والتزاماتها غامضة، وهي أخطار بدأت تتكشف ملامحها الآن.

أبلغت الولايات المتحدة الحكومة البريطانية هذا الشهر بأنها ستعلق تنفيذ اتفاق تقني بين البلدين يشمل تعزيز التعاون في مجالي الذكاء الاصطناعي والطاقة النووية، وفقاً لصحيفة “نيويورك تايمز” بحسب شخصين مطلعين على القرار، مشيرين إلى أن الخطوة جاءت نتيجة اعتقاد مسؤولين أميركيين بأن بريطانيا لم تُحرز تقدماً كافياً في خفض الحواجز التجارية كما تعهدت في اتفاق مايو من العام.

وسعى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في وقت سابق من العام إلى استمالة ترمب لتجنب فرض رسوم تجارية عقابية، ووجه إليه دعوة من الملك تشارلز لزيارة دولة.

وعندما وصل ترمب إلى بريطانيا في سبتمبر (أيلول) الماضي، حرص المسؤولون البريطانيون على إظهار أن الزيارة لا تقتصر على المراسم، إذ تعهد البلدان تعميق الشراكة ووقعا ما عُرف بـ”اتفاق الازدهار التكنولوجي”، الذي وسع مجالات التعاون البحثي وشجع شراكات تجارية أعمق.

وأعلنت كبرى شركات التكنولوجيا الأميركية استثمارات تتجاوز 40 مليار دولار في بريطانيا في مجالات الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات وتقنيات أخرى.

غير أن صياغة الاتفاق التكنولوجي نصت على أنه لا يصبح نافذاً إلا “بالتوازي مع تحقيق تقدم جوهري في إضفاء الطابع الرسمي على اتفاق مايو الماضي وتنفيذه”، المعروف باسم “اتفاق الازدهار الاقتصادي”.

وتقول إدارة ترمب الآن، إن بريطانيا لم تبذل جهداً كافياً، في مؤشر إلى استمرار استخدام السياسة التجارية أداة للضغط على الحكومات الأجنبية لتقديم تنازلات إضافية، وواصلت الإدارة إبقاء المفاوضات مفتوحة مع دول عدة بعد أشهر من إعلان الرئيس أن الصفقات أُنجزت.

هل بعض بنود الاتفاق البريطاني فضفاضة؟

جاءت بعض بنود الاتفاق البريطاني فضفاضة بشكل خاص، فبينما تضمن التزامات واضحة بخفض الرسوم الجمركية على السيارات البريطانية المصدرة إلى الولايات المتحدة ضمن حصص محددة، وزيادة صادرات لحوم الأبقار الأميركية إلى بريطانيا، تُركت قضايا أخرى من دون حسم، من بينها سعي واشنطن إلى توسيع صادراتها الزراعية، ومطالبتها لندن بتخفيف معايير سلامة الغذاء.

وعبر مسؤولون أميركيون عن استيائهم من قواعد السلامة على الإنترنت والضرائب البريطانية على الخدمات الرقمية. واكتفى الاتفاق بالإشارة إلى أن البلدين “سيعملان بشكل بناء لتعزيز النفاذ إلى الأسواق الزراعية” و”التفاوض على حزمة طموحة من بنود التجارة الرقمية”.

وخلال الأشهر التالية، لم تُجرِ بريطانيا أي تعديلات على ضريبة الخدمات الرقمية، التي تأتي معظم إيراداتها من شركات أميركية كبرى مثل “أمازون” و”غوغل”، كما لم يتوصل إلى اتفاق جديد في شأن صادرات الغذاء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي هذا السياق، زار وزير الأعمال والتجارة البريطاني بيتر كايل الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، واجتمع مع مسؤولين أميركيين، من بينهم وزير التجارة هوارد لوتنيك، والممثل التجاري جيميسون غرير، ووزير الخزانة سكوت بيسنت، لبحث سبل دفع اتفاق مايو الماضي قدماً.

وقال متحدث باسم وزارة الأعمال والتجارة إن كايل شدد على “أهمية الحفاظ على الزخم في تنفيذ جميع جوانب الاتفاق البريطاني–الأميركي”، وبحث قضايا الرسوم على “الويسكي” والصلب، إضافة إلى التعاون في المعادن الحيوية، مضيفاً أن الجانبين اتفقا على مواصلة المفاوضات في يناير (كانون الأول) 2026.

“فرصاً للعمال في كلا البلدين”

وأكد متحدث باسم الحكومة البريطانية أن لندن “ملتزمة بقوة بضمان أن يحقق اتفاق الازدهار التكنولوجي فرصاً للعمال في كلا البلدين”، فيما امتنعت متحدثة باسم الممثل التجاري الأميركي عن التعليق.

وتأتي هذه التطورات في وقت أبرمت خلاله إدارة ترمب اتفاقات تجارية محدودة مع 15 دولة في إطار مساعيها لتغيير ما تعده ممارسات تجارية غير عادلة وتعزيز الصادرات الأميركية، غير أن المفاوضين واجهوا في كثير من الأحيان صعوبات في تحويل التعهدات الشفهية بين القادة إلى نصوص ملزمة، فيما لم تُستكمل بعض الاتفاقات التي أُعلن عنها سياسياً.

ويثار تساؤل حول ما إذا كانت بعض الدول باتت أقل استعداداً لتقديم تنازلات إضافية لواشنطن، في وقت بدأت فيه الإدارة الأميركية منح إعفاءات من الرسوم الجمركية وسط مخاوف متزايدة بشأن تأثيرها في الأسعار وكلفة المعيشة، بالتزامن مع نظر المحكمة العليا في قضية قد تُبطل عدداً كبيراً من تلك الرسوم، على رغم تأكيد مسؤولين أن لديهم أدوات قانونية بديلة لإعادة فرضها.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى