عالمي

الأردنيون يمرون بأطول الشهور صعوبة في المعيشة فما الأسباب؟

ينظر مواطنون أردنيون ومراقبون إلى شهر مايو (أيار) الجاري باعتباره الأصعب عليهم هذا العام بعدما اجتمعت خلاله قرارات اقتصادية عدة وصفت بأنها قاسية، فقد تزامنت قرارات رفع أسعار المحروقات والسجائر والفوائد البنكية، فضلاً عن إلغاء حبس المدين لتضيف تحديات جديدة إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانيها الأردنيون منذ جائحة كورنا عام 2019.

فوائد بنكية تشتعل

وقرر البنك المركزي الأردني رفع أسعار الفائدة على جميع أدوات السياسة النقدية بمقدار 25 نقطة هذا الشهر، موضحاً في بيان أن القرار يستهدف بالدرجة الأولى الحفاظ على الاستقرار النقدي.

وبموجب القرار فسيرتفع سعر الفائدة الرئيس في البنوك الأردنية إلى 7.25 في المئة، وهو الرفع الثاني هذا العام.

ومع بداية عام 2023 تفاقمت معاناة المقترضين الأردنيين من البنوك، إذ إن ارتفاع قيمة الفوائد أكثر من مرة جعل إمكان سداد القروض حلماً بعيد المنال وكابوساً يومياً في ظل ثبات الأجور وتزايد الغلاء وتراجع مستويات المعيشة.

ومع ارتفاع مديونية الأفراد لدى بنوك الأردن إلى 16 مليار دولار ووجود نحو 1.5 مليون مقترض، يلقي مراقبون باللائمة على ارتباط السياسة النقدية بالبنك المركزي الأميركي وربط الدينار بالدولار.

 

وانتصر القضاء الأردني لمصلحة المقترضين حين أصدرت محكمة التمييز قراراً بمنع رفع أسعار الفائدة الجديدة على العقود السارية والقديمة للمقترضين واقتصارها على الجديدة فقط.

لكن ذلك لم يمنع البنك المركزي من رفع سعر الفائدة مرات عدة متتالية، إذ خاض الأردنيون خلال أبريل (نيسان) الماضي كفاحاً مريراً للضغط على الحكومة في شأن تأجيل أقساط القروض البنكية قبيل عيد الفطر، إلا أن محاولتهم باءت بالفشل مع رفض جمعية البنوك الأردنية.

ويقول المحلل الاقتصادي يوسف ضمرة إنه “منذ تداعيات جائحة كورونا أصبحت هناك مطالبات متكررة بتأجيل أقساط القروض قبل كل مناسبة تمر علينا مثل الأعياد وشهر رمضان، وكأن هذه المطالبات أصبحت عرفاً من دون إدراك لتبعات هذا التأجيل”.

ويوضح ضمرة أن تأجيل أي قسط ستترتب عليه كلفة كبيرة مستقبلاً، فتأجيل قسط واحد بـ 300 دينار لمدة 10 سنوات ستترتب عليه فوائد متراكمة قد تصل أو تكلف المقترض 600 دينار لنهاية عمر القرض، على افتراض أن سعر الفائدة سبعة في المئة.

ويبدد ضمرة مبررات التأجيل بداعي توفير وضخ سيولة نقدية في الاقتصاد، موضحاً أن الاستمرار في هذا المسار سيفاقم مشكلة المقترضين النقدية ويزيد نسبة المتعثرين مستقبلاً.

رفع أسعار السجائر

من ناحية ثانية نفت وزارة الصناعة والتجارة الأردنية صحة ما تردد حول رفعها أسعار الدخان، موضحة أنها التزمت وللسنة الرابعة على التوالي من خلال الموازنة العامة بعدم رفع الضريبة عليها.

ويقول وزير الصناعة والتجارة الأردني يوسف الشمالي إن هناك مطالبات تم تقديمها منذ سنوات عدة لرفع أسعار التبغ بسبب ارتفاع الكلف لعدد من المصانع داخل البلاد، نتيجة ارتفاع كلفة النقل والمواد الخام التي يتم استيرادها من الخارج، إضافة إلى أن أسعار التبغ في الأسواق المحلية منخفضة مقارنة بالدول المجاورة والبعيدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبسبب ذلك تواجه الشركات الأردنية صعوبات في تحقيق الأرباح ولذلك اتخذت قراراً برفع الأسعار، وهو قرار ليس بتوجيه من الحكومة ولا يتطلب موافقتها، وفقاً للشمالي.

وأكد أن وزارته ستدرس كلف الإنتاج في شأن قطاع الدخان، مضيفاً “سنقوم بمراقبة الأسعار ولدينا أدوات قانونية إذا كانت هناك مبالغة في رفعها”.

وفي المقابل يقول مواطنون أردنيون إن محال بيع السجائر رفعت أسعار بعض أنواع الدخان، وسط تداول صورة على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر قائمة بالأسعار الجديدة بنسب متفاوتة تصل إلى 15 قرشاً (21 سنتاً).

وتعد معدلات التدخين في الأردن واحدة من أعلى النسب في العالم، ففي العام الماضي دقت دراسة صادرة عن منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر حيال إقبال الأردنيين على التدخين بشراهة، ووفق معدلات إنفاق مرتفعة قياساً بإنفاقهم على الغذاء.

وأكدت المنظمة العالمية أن العائلة الأردنية تنفق على التدخين شهرياً أكثر مما تنفق على طعامها، إذ بلغ معدل المصاريف الشهرية للحصول على السجائر أو أي أنواع أخرى من التبغ ما يزيد على 150 دولاراً شهرياً للشخص الواحد في مقابل 36 دولاراً شهرياً للفواكه و58 دولاراً للألبان والبيض ونحو 70 دولاراً للحوم والدواجن.

وجاءت الأرقام المقلقة وسط اتهامات للحكومة الأردنية من قبل مراقبين بعدم الجدية في تطبيق منع التدخين في الأماكن العامة، بموازاة كلفة باهظة لعلاج الأمراض التنفسية وأمراض القلب والسرطان الناتجة منه.

وتشير الدراسة أيضاً إلى أن الأردنيين يدخنون يومياً ما معدله 23 سيجارة، وأن النساء يشكلن ما نسبته 17 في المئة من مجموع المدخنين بالبلاد، لكن ما يقلق الجهات الصحية اليوم أكثر هو ارتفاع نسبة الذين يتعرضون للتدخين السلبي سواء في المنازل أو الأماكن العامة.

وبلغة الأرقام فإن أردنياً واحداً من بين كل خمسة يفقد حياته بسبب التدخين، فيما يبلغ مجموع الضحايا سنوياً نحو 9 آلاف نتيجة أمراض يتسبب بها التدخين.

جنون المحروقات

ولم تفلح كل محاولات الأردنيين للتحايل على الرفع المتكرر لأسعار المحروقات وفق آلية تسعير غير واضحة حتى الآن، فقد ارتفعت أسعار البنزين للشهر الجاري على نحو يزيد أعباء وكلفة فاتورة الوقود لمعظم الأردنيين الذين لا يزالون يعتمدون على التنقل بسياراتهم الخاصة التي تعمل بالبنزين.

وفي المقابل يرتفع حجم الإقبال على السيارات الكهربائية و”الهجينة” يوماً بعد آخر، في محاولة للتخلص من عبء كلفة الوقود المرتفعة.

 ووفقاً للمنطقة الحرة فقد ارتفع حجم التخليص الجمركي على مركبات الهايبرد بنسبة 300 في المئة، بينما ارتفع على “الكهربائية” بنسبة 93 في المئة.

بدورها دافعت الحكومة الأردنية عن قرارها برفع أسعار المشتقات النفطية وتحديداً البنزين في مقابل تثبيت أسعار الديزل والغاز و”الكيروسين” الذي يعرف محلياً بوقود الفقراء أو “الكاز”، على رغم الارتفاعات الكبيرة التي طرأت على أسعار المشتقات النفطية عالمياً وتشير دوماً إلى الارتفاع الكبير الذي طرأ على كلف الاستيراد نتيجة ارتفاع كلف الشحن ونقص الإمدادات.

بينما تؤكد المديرة العامة لوزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية أماني العزام أن الاستمرار في رفع أسعار المحروقات يعتمد على الأسعار العالمية، موضحة أن التعريفة المحلية لا تعكس الكلفة الفعلية.

ويعد الأردن واحداً من 10 هي الأكثر ارتفاعاً في أسعار الوقود عالمياً والأول عربياً، وفقاً لموقع “Global Petrol Prices” المتخصص بالطاقة.

وتعتمد الحكومة الأردنية بشكل كبير على الإيرادات المتأتية من بيع المشتقات النفطية، ووفقاً لبيانات رسمية فقد بلغت إيرادات الحكومة المتحققة من الضرائب المفروضة على المشتقات النفطية العام الماضي نحو 1.4 مليار دولار.




Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى