خليجينفط

أمين “أوابك”: أساسات سوق النفط مهددة والسحب من مخزونات النفط الاستراتيجية سيصبح أقل فاعلية

قال الأمين العام لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول “أوابك“، جمال اللوغاني، أن أساسات سوق النفط مهددة مع تنامي التوترات الجيوسياسية، كما أن استخدام مخزونات النفط الاستراتيجية سيصبح أقل فاعلية بمرور الوقت، فيما حذر من تأثير عدم كفاية الاستثمارات النفطية مما يهدد أمن الطاقة العالمية.

اقرأ أيضاً.. مبيعات النفط العراقي تسجّل 7.4 مليار دولار خلال مارس

وفي مقابلة خاصة مع “اندبندنت عربية”، توقع الأمين العام لـ”أوابك”، أن يظل أداء السوق النفطية خلال عام 2023 وفق المعطيات الحالية تحت وطأة الحالة المرتفعة من عدم اليقين، متأثراً بعدد من التحديات، أولها إمكانية تنامي الأزمة الروسية- الأوكرانية وما يترتب على ذلك من قرارات قد تتخذها الدول الأوروبية وحلفاؤها من شأنها أن تؤدي إلى زيادة التدخل في آليات التسعير بسوق النفط، واستمرار السحب من المخزونات الاستراتيجية، وحدوث مزيد من التحولات في تجارة النفط العالمية.

وأشار اللوغاني، إلى أن أمن الطاقة العالمي بشكل عام مهدد من تباطؤ أداء الاقتصاد العالمي والارتفاع الملحوظ في معدلات التضخم الذي دفع بالبنوك المركزية إلى تشديد سياساتها النقدية وسط توقعات بإمكانية حدوث ركود اقتصادي قد يضر بالطلب على النفط والطاقة بشكل عام، وثالث تلك التهديدات هو تزايد الاهتمام بقضايا تغير المناخ والتحول نحو الطاقة النظيفة مع الإصرار على ربط تقليل استهلاك الوقود الأحفوري وخصوصاً النفط الخام للوصول إلى بيئة خالية من الانبعاثات.

مخاوف تهدد الطلب

وقال جمال اللوغاني الذي تسلم مهام عمله أميناً عاماً لمنظمة “أوابك” اعتباراً من الأول من مارس (آذار) الماضي، إن تقديرات حجم الطلب العالمي على النفط خلال العام الحالي تخضع إلى مجموعة من المخاوف، أهمها: تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، لا سيما في الاقتصادات الرئيسة، ومعدلات التضخم المرتفعة، وتصاعد التوترات الجيوسياسية في شرق أوروبا.

وتابع أنه على رغم تلك المخاوف التي سيكون لها دور في الحد من نمو الطلب العالمي على النفط مقارنة بالعامين الماضيين، فإنه من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على النفط في 2023 بمقدار 2.3 مليون برميل يومياً التي تعادل 2.3 في المئة من إجمالي الطلب العالمي، بحسب تقديرات منظمة “أوبك” الأخيرة، ليصل إلى مستوى قياسي وهو 102 مليون برميل يومياً، وذلك بفضل انتعاش الاستهلاك في دول خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إذ يتوقع أن يضيف كل من توجه الصين نحو تخفيف القيود المرتبطة بجائحة “كوفيد-19” بعد أن تم إنهاء عمليات الإغلاق بعد رفع سياستها الصارمة لمواجهة الجائحة وبدء تشغيل مصافي التكرير الجديدة، والتوجه نحو عمليات البناء في مخزوناتها الاستراتيجية، زخماً كبيراً للنمو الاقتصادي العالمي.

ويرى اللوغاني، أن السرعة في تشديد السياسة النقدية من قبل البنوك المركزية الرئيسة في محاولة منها لكبح جماح التضخم المرتفع أفضت إلى زيادة ملحوظة في أسعار الفائدة وظهور آثار جانبية سيئة على النظام المالي العالمي، ومن ثم خفض صندوق النقد الدولي، أخيراً، من توقعاته في شأن نمو أداء الاقتصاد العالمي إلى 2.8 في المئة خلال عام 2023. وبالطبع أثارت هذه التوقعات المخاوف في شأن ضعف الطلب العالمي على النفط، غير أنه من الملاحظ وفقاً لصندوق النقد الدولي، أن تعافي الاقتصاد العالمي لا يزال على المسار الصحيح، إذ انتعش أداء الاقتصاد الصيني.يذكر أن الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، تسعى إلى تحقيق معدل نمو نسبته خمسة في المئة خلال عام 2023 مقارنة بمعدل نمو ثلاثة في المئة في 2022.زيادة الطلب من الهندوتابع اللوغاني “لوحظ أيضاً زيادة الطلب من الهند، ثالث أكبر مستورد للنفط، فيما تراجعت الاضطرابات في سلاسل الإمدادات بشكل ملحوظ، وتواصل الاختلالات في أسواق الطاقة الناجمة عن الأزمة الروسية- الأوكرانية انحسارها، ومن ثم يمكن القول إن التشديد الكبير والمتزامن للسياسة النقدية من قبل معظم البنوك المركزية من المتوقع أن يؤتي ثماره مع تحرك التضخم وعودته إلى مستوياته المستهدفة”.المخزونات الاستراتيجيةوأورد الأمين العام لـ”أوابك”، أن أعضاء وكالة الطاقة الدولية ومن ضمنهم الولايات المتحدة قاموا باستخدام مخزوناتها النفطية الاستراتيجية كأداة لإدارة السوق في ظل الأزمة الروسية- الأوكرانية، وكانت الرغبة في وضع سقف أعلى وحد أدنى لأسعار النفط، مما تسبب في تراجع تلك المخزونات إلى مستويات متدنية وحرجة، إذ انخفضت المخزونات النفطية الاستراتيجية الأميركية في منتصف أبريل (نيسان) الحالي إلى 369.6 مليون برميل وهو أدنى مستوى لها منذ نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1983.

توقع جمال اللوغاني، أن يصبح استخدام هذه المخزونات أقل فعالية بمرور الوقت، خصوصاً إذا ما استمرت في الانخفاض إلى مستويات أقل تستوجب إعادة ملئها من جديد وبشكل فوري أو إذا كانت هناك قيود على كيفية استخدامها في المستقبل.وكشف اللوغاني عن أن تنامي التوترات الجيوسياسية في شرق أوروبا وما يرتبط بذلك من قرارات سيؤثر من دون شك على أساسات سوق النفط العالمية من طلب وعرض، وقد يؤدي هذا الأمر إلى زيادة تدخل دول الاتحاد الأوروبي وحلفائها بشكل مباشر في آليات تسعير النفط، مثلما حدث في العام الماضي، عندما فرضت تلك الدول سقفاً سعرياً عند 60 دولاراً للبرميل على صادرات النفط الخام المنقولة بحراً، وسقف سعري عند 100 دولار للبرميل بالنسبة إلى المنتجات النفطية الروسية التي يتم تداولها بعلاوة سعرية على النفط الخام مثل الديزل، وسقف آخر عند 45 دولاراً للبرميل للمنتجات المكررة التي تباع بخصم مثل زيت الوقود، ومن الممكن أيضاً أن تتأثر الإمدادات النفطية لا سيما من روسيا التي قررت خفض إنتاجها بنحو 500 ألف برميل يومياً استجابة لهذا السقف السعري حتى يونيو (حزيران) المقبل، قبل أن تمدد هذا الخفض إلى نهاية عام 2023 ضمن القرار الذي اتخذته مجموعة “أوبك+”، أخيراً، في شأن خفض الإنتاج، وقد يلجأ أعضاء وكالة الطاقة الدولية إلى إجراء مزيد من السحوبات من مخزوناتها النفطية الاستراتيجية، وسيكون لتنامي التوترات الجيوسياسية تأثير أيضاً على اتجاهات تجارة النفط التي شهدت بالفعل تحولات ملحوظة في ظل فرض حظر على صادرات النفط الروسية وقرار روسيا بحظر توريد النفط إلى الدول التي قد تفرض سقفاً سعرياً على صادراتها.

أكد اللوغاني، أن السعودية تعمل جاهدة على دعم استقرار وتوازن أسواق النفط، الذي يعد أمراً ضرورياً لتحقيق النمو المستدام في أداء الاقتصاد العالمي، كما تحرص على تأسيس واستمرار نجاح مجموعة دول “أوبك+”، والتعاون مع شركائها في إطار مجموعة الـ20، لا سيما أثناء فترة الجائحة، على نحو يحقق المصالح المشتركة، ويحافظ على بقاء أسعار النفط عند مستويات عادلة لجميع الأطراف الفاعلة في أسواق النفط من منتجين ومستهلكين ومستثمرين، وذلك في ظل سعي السعودية الدائم نحو ضمان تحقيق أمن الإمدادات، وتوفير مصادر موثوقة ومستدامة للطاقة.الاستثمارات النفطيةمن جانب آخر، قال جمال اللوغاني، إن قضية عدم كفاية الاستثمارات العالمية في القطاع النفطي، لا سيما في أنشطة الاستكشاف والإنتاج، تمثل تحدياً كبيراً يهدد أمن الطاقة بشكل عام، إذ تسبب هذا الأمر في إبطاء نمو الاحتياطات النفطية العالمية.غياب التناسق.

وقال إن “الدول المنتجة الرئيسة للنفط ما فتئت تحذر من غياب التناسق بين الحاجات الحالية للطاقة وتلكؤ شركات النفط العالمية الكبرى عن ضخ مزيد من الاستثمارات على أنشطة الاستكشاف لتجديد احتياطاتها الهيدروكربونية، وذلك بسبب ما تتعرض له تلك الشركات من ضغوط مناوئة للوقود الأحفوري إن مثل هذا الخلل من شأنه أن يعرض أمن إمدادات الطاقة الذي تسعى الدول المستهلكة لتحقيقه للخطر”.

وتابع اللوغاني: “من المستغرب أن يكون هناك عزوف عن ضخ الاستثمارات المطلوبة في قطاع النفط على رغم توقعات منظمة ’أوبك’، وفق السيناريو المرجعي التي تشير إلى أن النفط سيظل مستحوذاً على أعلى حصة في مزيج الطاقة المستهلكة عالمياً حتى عام 2045 وهي 29 في المئة مقارنة بحصة 31 في المئة في الوقت الحاضر”.قانون “نوبك” وحول قانون “نوبك” الذي تستهدف أميركا به منتجي النفط الكبار، قال الأمين العام، إنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها التلويح باستخدام القانون، وقد فشلت الإصدارات السابقة من مشروع القانون، وآخرها إقراره من قبل اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الأميركي في الخامس من مايو (أيار) 2022، غير أنه لم يتم إقراره من مجلسي الشيوخ والنواب والمصادقة عليه من الرئيس الأميركي، كما لم يلتفت مؤيدو مشروع القانون إلى أنه في حال إقراره سيؤدي إلى عجز الإمدادات عن تلبية الطلب المستقبلي في سوق النفط العالمية بشكل ملحوظ.

وكشف الأمين العام لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول “أوابك”، أنه يوجد إصرار من قبل الدول الأوروبية وبعض الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية على ربط بيئة خالية من الانبعاثات بتقليل استهلاك الوقود الأحفوري، لا سيما النفط الخام، بينما لم تتطرق تلك الدول إلى أن الحاجة إلى معالجة قضايا البيئة وتغير المناخ عن طريق تقليل الانبعاثات لا تمنع من إنتاج واستخدام الوقود الأحفوري بطرق نظيفة لتكون جزءاً من الحل، فتوظيف تقنية التقاط الكربون وتخزينه وإعادة استخدامه “CCUS” والتوسع في استخدامها، إلى جانب تحسين كفاءة الطاقة، تساعد في تحقيق أهداف الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

وحول خطط التحول نحو الطاقة النظيفة، أشار جمال اللوغاني إلى أن عدداً كبيراً من الدول العربية يولي اهتماماً ملحوظاً بالتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة، خصوصاً في ظل ما تمتع به هذه الدول من مصادر وفيرة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لافتاً إلى أن السعودية التي تعتبر من أكبر الدول المنتجة للنفط، لديها برامج لإنتاج الطاقة المتجددة، وبرامج للاستخدام الأمثل للطاقة وتتبنى أكثر من 60 مبادرة معنية بقضايا البيئة والمناخ منها مبادرة السعودية الخضراء، وصناعة الهيدروجين الأخضر وجميع تلك المبادرات تهدف إلى الوصول إلى الحياد الصفري، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وتعزيز الاقتصاد الأخضر والاضطلاع بدور رائد عالمياً في تطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون.

وأفاد اللوغاني، بأنه لتسريع وتيرة تطوير وتبني تقنيات ومصادر الطاقة النظيفة، تسعى الرياض إلى تنويع المزيج من الطاقة المستخدمة في توليد الكهرباء بحيث يتم إنتاج 50 في المئة من الكهرباء بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، وهو ما يساعد على التخلص من الانبعاثات الكربونية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى