عالمي

أسعار الذهب نحو القمم… ملاذ الأمان أم فرصة تاريخية؟

يعد الذهب من أبرز الأصول الآمنة التي تلجأ إليها الأسواق في أوقات عدم الاستقرار، وشهد العام الحالي تحولات حادة في اتجاهات أسعاره عالمياً ومحلياً، بدءاً من ضغوط اقتصادية عالمية، مروراً بتقلبات أسعار الفائدة، ووصولاً إلى اضطرابات جيوسياسية، أثرت جميعها في حركة المعدن النفيس، دافعة إياه إلى تسجيل مستويات قياسية.

في مصر، ترافق ذلك مع تراجع الجنيه وارتفاع الطلب المحلي، مما عزز من زخم الأسعار محلياً، ويرصد هذا التقرير تطورات أسعار الذهب منذ بداية عام 2025 حتى سبتمبر (أيلول) الجاري، ويحلل العوامل المؤثرة ويعرض تعليقات خبراء دوليين ومحليين لرسم صورة شاملة للمشهد الاستثماري للذهب هذا العام.

حتى أمس الخميس صعدت أسعار الذهب، إذ عزز التوتر الجيوسياسي والاقتصادي الطلب على أصول الملاذ الآمن في وقت يترقب المستثمرون بيانات اقتصادية أميركية مهمة للحصول على مزيد من المؤشرات حول مسار السياسة النقدية الذي يمكن أن يتبعه مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي). 

مسار أسعار الذهب في 2025

وارتفع الذهب أمس في التعاملات الفورية 0.6 في المئة إلى 3756.29 دولار للأوقية (الأونصة)، بعد أن سجل أعلى مستوى له على الإطلاق عند 3790.82 دولار أول من أمس الثلاثاء.

وصعدت العقود الأميركية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر (كانون الأول) المقبل 0.5 في المئة إلى 3787 دولاراً.

ووفقاً لأداة “فيد ووتش”، تتوقع الأسواق خفض أسعار الفائدة الأميركية مرتين إضافيتين هذا العام بواقع 25 نقطة أساس لكل منهما في أكتوبر (تشرين الأول) وديسمبر (كانون الأول) المقبلين، إذ يستفيد الذهب الذي لا يدر عائداً من انخفاض أسعار الفائدة.

وشهدت أسعار الذهب ارتفاعاً كبيراً على الصعيدين العالمي والمحلي منذ بداية عام 2025 وحتى الشهر الجاري، فعلى المستوى العالمي ارتفع سعر أونصة الذهب من نحو 3000 دولار في بداية العام إلى نحو 3775 دولاراً، مسجلاً ارتفاعاً يقارب 43 في المئة.

أما في السوق المصرية، فارتفع سعر غرام الذهب عيار21 (الأكثر شعبية في مصر) من نحو 3720 جنيهاً إلى نحو 4280 جنيهاً، مما يعادل زيادة تقارب 15 في المئة، وشهدت السوق المصرية بعض الفترات التي سجلت قفزات أسبوعية في الأسعار وصلت إلى سبعة في المئة في بعض الحالات، نتيجة لتقلبات سعر صرف الجنيه وتأثيرها المباشر في سعر الذهب محلياً.

العوامل المحركة للاتجاه الصاعد

يرى المتخصصون أن ضعف الدولار وضغوطاً على العملات الأخرى جعلا الذهب خياراً جاذباً كملاذ آمن، فضلاً عن التوقعات بتيسير السياسات النقدية وخفض الفائدة لدى البنوك المركزية الكبرى، إضافة إلى زيادة شراء البنوك المركزية للاحتياط من الذهب لتنويع الاحتياطات، كذلك التوترات الجيوسياسية التي تعزز الطلب على الأصول الآمنة.

وكان ضعف الجنيه المصري مقابل الدولار في بعض أوقات العام رفع كلفة استيراد الذهب، ومعه ارتفعت كلفة التصنيع (المصنعية) للقطع الذهبية، إضافة إلى الطلب المحلي للتحوط ضد التضخم وانخفاض القوة الشرائية، فضلاً عن جولات تصحيح أو ارتفاعات مفاجئة محلية متأثرة بسعر الصرف.

وتعليقاً على ذلك، نصح رئيس شعبة الذهب في اتحاد الغرف التجارية المصرية هاني الميلاد المستثمرين الأفراد بالاستثمار في الذهب لكن على المدى البعيد، موضحاً لـ”اندبندنت عربية” أنه “على المدى البعيد سيحقق المستثمر في المعدن النفيس عوائد مع ارتفاع قيمة استثماراته وأمواله، إذ إن ارتفاع أسعار الذهب بالطبع يحفظ القوة الشرائية للنقود والأموال”، واستدرك “أما المستثمر الذي يبحث عن المكاسب السريعة بيعاً وشراء بصورة متقلبة، فقد يفقد جزءاً من أمواله ولا يحقق العائد المطلوب نظراً إلى التقلبات اليومية والأسبوعية والشهرية في أسواق الذهب سواء محلياً أو عالمياً”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وينصح الميلاد المستثمرين الراغبين في اقتناء الذهب بغرض الاستثمار وليس للزينة بعدم الاعتماد على المشغولات الذهبية بسبب المصنعية العالية والتركيز على السبائك أو الجنيهات الذهبية.

وعلى المستوى العالمي، تشير توقعات المحللين إلى أن الذهب سيسجل متوسطاً قدره نحو 3675 دولاراً للأونصة بحلول نهاية عام 2025، مع احتمال وصوله إلى 4000 دولار خلال عام 2026، مع تقديرات بأن الطلب على الذهب سيظل قوياً بسبب الضغوط الاقتصادية والجيوسياسية.

وقال المحلل لدى مجموعة “سويسكوت المصرفية” كارلو ألبرتو دي كاسا “لا يرى المستثمرون استقراراً مالياً كافياً من الجانب الأميركي، وبصورة عامة إذا نظرنا إلى الحرب التجارية والتوتر مع روسيا والشرق الأوسط، فمن السهل فهم سبب ارتفاع سعر الذهب”.

الفرص

إلى ذلك، فإن استمرار التوترات العالمية والأزمات المالية يدعم الطلب على الذهب، وخفض الفائدة عالمياً يعزز الاتجاه الصاعد، وتنويع احتياط البنوك المركزية قد يزيد الطلب، أما في مصر فإن أي تدهور في الجنيه قد يدعم الأسعار محلياً، كذلك تحسن الاقتصادات الكبرى قد يقلل الطلب على الذهب، ورفع أسعار الفائدة قد يضعف جاذبية الذهب، وأية تدخلات حكومية أو تقلبات سعر الصرف قد تؤثر في السوق.

على أية حال، سجل الذهب ارتفاعات قوية عالمياً ومحلياً خلال العام الحالي، مع استمرار العوامل الداعمة له، لذا ينصح بتنويع الاستثمارات وعدم الاعتماد الكامل على الذهب ومتابعة متغيرات الأسواق والسياسات النقدية.

وبالنسبة إلى المستثمرين الأفراد، يفضل التركيز على السبائك أو الجنيهات الذهبية كأداة للتحوط وتجنب المشغولات ذات المصنعية العالية.

 فالذهب أداة لحفظ القيمة على المدى الطويل، ويجب التعامل معه بمنظور استثماري متوازن وفق الظروف المالية لكل شخص.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى