عربي

أرباح وديعة “العام الواحد” تفاجئ المودعين الجدد وتتخلى عن مستويات 6 %

تخلت أرباح وديعة “العام الواحد” التي تقدمها البنوك السعودية لعملائها خلال ديسمبر الماضي عن مستويات 6 في المائة للمرة الأولى منذ شهرين.
وتفاجأ المودعون الجدد بوصول أرباح ودائع الـ12 شهرا إلى 5.31 في المائة في ظرف قصير وقياسي، بعدما كانت تمنح في ذروتها أرباحا فوق 6 في المائة، حيث كانت تلك الأرباح توصف في وقت سابق بـ”ذروة” حقبة الفائدة المرتفعة في السعودية. 
وكانت “الاقتصادية” قد نشرت تحليلا في 7 يناير 2024 أشارت فيه حينها أن سايبور “الـ12 شهرا” أصبح دون 6 في المائة للمرة الأولى منذ خمسة أشهر، ليغلق عند 5.99 في المائة في آخر يوم من ديسمبر، وأوضحت الصحيفة حينها أن ذلك سيكون عليه آثار على المودعين الجدد.
في المقابل، استمرت أرباح وديعة الـ90 يوما في الانخفاض، حيث بلغت 5.35 في المائة بعدما كانت الأرباح في ذروتها عند 5.81 في المائة.
في الإطار ذاته، استمر القطاع البنكي السعودي في تقديم منتجات ادخارية جديدة. 
وأظهر رصد “الاقتصادية” أن بعض البنوك تقدم للمودعين خيار تمديد الوديعة لتصبح عاما ونصفا أو عامين بعائد بين 4.8 في المائة و5.5 في المائة بهدف تمكين المودعين من تثبيت الأرباح للذين يتوقعون انخفاض السايبور عن مستوياته الحالية بعد عامين.

الودائع الرقمية والفنتك

بلغ إجمالي الودائع الرقمية (المحافظ الإلكترونية) نحو 70 مليار ريال بنهاية 2022، مسجلة نسبة نمو وصلت إلى 37 في المائة على أساس سنوي، بحسب مذكرة بحثية لمصرف جي بي مورجان.
يذكر أن هذا الرقم يعادل 3 في المائة من إجمالي ودائع النظام البنكي السعودي. مع العلم أن الودائع الرقمية كانت تبلغ 50.8 مليار ريال في 2021. وبذلك فإن المعدل المتوسط لكل وديعة رقمية قد وصل إلى 1600 ريال لكل محفظة في 2022.
فعوامل الجذب لمنصات التمويل بالدين تكمن في معدل الفائدة السنوي التي يتلقاها المستثمرون والذي يصل إلى 16 في المائة (دون رسوم منصة الفنتك) بنهاية 2022. فالودائع الرقمية الإلكترونية هي نوع جديد من الودائع لا يمنح أرباحا ويكون مرتبطا بمحافظ الأفراد الذي يستعملون منصات شركات الفنتك السعودية.
فعائد الوديعة الادخارية الآمن والمرتفع، وكذلك عوائد الصكوك الحكومية تساهمان في تقليل أعداد المستثمرين “النشطاء” الذين يشاركون في صفقات منصات التمويل بالدين. فالمستثمرون النشطاء المسجلون مع منصات الفنتك تراجعوا إلى 29 في المائة في 2022 مقارنة بـ41 في المائة في 2021.
في الجانب الآخر، فإن منصات التمويل بالدين قدمت 1260 قرضا بقيمة 771 مليون ريال في 2022 وهو نمو على أساس سنوي وصل إلى 160 في المائة (الحجم المتوسط لكل قرض وصل إلى 600 ألف ريال).
ففي عام 2021 تم تقديم 422 قرضا بقيمة 296 مليون ريال وبأجل استحقاق بين ستة أشهر إلى 11 شهرا، بحسب مذكرة بحثية لمصرف جي بي مورجان. فمنصات التمويل بالدين تسد الفجوة التمويلية للشركات الصغيرة والمتوسطة.
وتم تسجيل ارتفاع في أعداد المستثمرين المسجلين بمنصات التمويل إلى 27 ألف مستثمر في 2022، مقارنة بـ21 ألف مستثمر في 2021.
ومنصات التمويل بالدين هي عبارة عن تكاتف سيولة الأفراد والمستثمرين لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة عبر منصة فنتك، التي تلعب دور الوسيط، مع العلم أن الضمانات (مع هذه الصفقات) تتكون من طلبات شراء أو فواتير مستقبلية أو التدفقات النقدية من نقاط الشراء.

العائد الاستثنائي

في أكتوبر ونوفمبر من 2023، شهد قطاع الصيرفة السعودي حدثا استثنائيا، في تاريخ المصارف السعودية، وذلك بعد بلوغ عائد العام الواحد على الوديعة الاستثمارية، ولأول مرة، حاجز الـ6.09 في المائة، الأمر الذي يمكن تفسيره بأن حدة المنافسة على العوائد بين المصارف قد نقلت الودائع الاستثمارية لمنطقة جديدة مع ابتكار القطاع المالي لطرق تسويقية لجذب الودائع ذات التكلفة، وساهمت تلك المستويات في حسم قرار المترددين من المودعين، ولا سيما أن الخطوة قد ساهمت في تحريك الودائع الصفرية الراكدة.
وبحسب رصد “الاقتصادية”، فإن القفزة في عائد وديعة الـ12 شهرا أقرب إلى الخطوة “الاستراتيجية ذات الطابع التسويقي” من أجل جذب الودائع وتقوية موقف المؤسسة المالية في تقديم قروض للشركات بهامش ربحي جيد. وشددت الصحيفة حينها أن مستويات 6 في المائة تعد ظاهرة مؤقتة.
على صعيد الجانب التوعوي، فإن على الأفراد عدم وضع “عائد” الاستثمارات ذات المخاطر العالية في ميزان “عائد” الودائع الاستثمارية الآمنة نفسه، ولا سيما أن العائد يتباين بينهما.
يذكر أن هناك مؤسسات مالية تقدم عروضا جذابة وحوافز لاجتذاب ودائع الأفراد، وهي تشمل التنازل عن رسوم الاستثمار (أو ما يعرف برسوم الوكيل)، ما يرفع من أرباح المستثمرين، مقارنة بالاستثمارات الأخرى التي يتم فيها استقطاع بعض الرسوم من الأرباح. ومن ضمن المحفزات كذلك السماح للعميل بسحب 20 في المائة من قيمة وديعته الاستثمارية عند الحاجة أو سحبها كلها بعد التنازل عن أرباحه.

المودعون أبرز الرابحين

وسط بيئة الفائدة العالية التي تعيشها معظم دول العالم في الوقت الحالي، أصبح المودعون من بين أبرز الرابحين في هذه المرحلة. وبحسب رصد “الاقتصادية”، فهناك تفاوت في الأرباح على الودائع (وفقا للفترة الزمنية المختارة) بين المؤسسات المالية بالسعودية، الأمر الذي دفع بالأفراد إلى تقييم خياراتهم عبر، مقارنة الأرباح بين كل جهة مالية واختيار الجهة التي تمنح عائدا أكبر.
غير أن التحدي الأكبر للأفراد يكمن في صعوبة توفر بيانات الأرباح المتوقعة على الودائع بين المواقع الإلكترونية لكل جهة مالية مرخصة بتسلم الودائع أو وجود موقع واحد معتمد يعرض تحديثات أرباح العوائد المصرفية بصفة أسبوعية وذلك من كل المؤسسات المالية، التي تستقبل أموال المودعين.
وساهم انخفاض عوائد توزيعات الأسهم إلى ما دون 3 في المائة في حسم قرار الأفراد نحو التوجه للودائع الادخارية ذات العائد فوق 5 في المائة. وتعد هذه الظاهرة (أي توزيعات الودائع باتت تفوق توزيعات الأسهم والصكوك السيادية) حدثا نادرا في تاريخ السوق المالية السعودية.
استند الرصد بخصوص عوائد المؤسسات المالية التي تمنع عائدا على الودائع الزمنية أو الاستثمارية، إلى الجهات التي تمنح الأرباح المرتفعة على المودعين (مقارنة بأولئك الذين يمنحون عوائد أقل من متوسط السوق).
وتركز الرصد على عائد الوديعة المفتوحة للأفراد (حجمها بين ألف و100 ألف ريال) والمعلنة بياناتها للعامة. ولم يضمن الرصد أرقام العوائد الممنوحة للودائع المليونية التي لا يفصح عن بياناتها للعامة، وتعتمد على المفاوضات الشخصية بين المصارف وكبار العملاء.

نمو الودائع الاستثمارية

كانت “الاقتصادية” قد نشرت تحليلا لها في 16 نوفمبر 2023 أشارت فيه إلى أنه خلال العامين الماضيين، أي منذ بدء رفع أسعار الفائدة، نمت الودائع في البنوك بنحو 19 في المائة، بفضل نمو الودائع الادخارية والآجلة بنحو 65 في المائة مقابل 1 في المائة فقط للودائع تحت الطلب “المجانية”.
وخلال الربع الثالث، ارتفعت ودائع البنوك بدعم “الادخارية” في ظل بيئة أسعار الفائدة المرتفعة، وسط تنافس البنوك على جذب ودائع العملاء بتقديم معدلات فائدة تصل إلى 6 في المائة، ما أثر في معدل نمو الودائع تحت الطلب أو كما تعرف بالودائع “المجانية”، التي انكمشت 2.4 في المائة خلال الفترة.
وخلال عامين، سجلت ثلاثة بنوك نموا في الودائع الادخارية والآجلة تجاوز 100 في المائة خلال الفترة، أعلاها البنك السعودي الأول بنحو 132 في المائة، ليقابله تراجع الودائع تحت الطلب بنحو 3 في المائة. وبلغ متوسط اعتماد البنوك السعودية على الودائع الادخارية والآجلة نحو 39 في المائة بنهاية الربع الثالث من العام الجاري، مقابل 28 في المائة قبل رفع أسعار الفائدة، وكانت بنوك “الاستثمار والبلاد والجزيرة” الأكثر اعتمادا على هذه الفئة من الودائع، التي شكلت نحو 63 و59 و58 في المائة على الترتيب.

الفيدرالي والفائدة المرتفعة

في يوليو 2023، حذر فريق من الاقتصاديين في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، من أنه يمكن الإبقاء على أسعار الفائدة فوق 5 في المائة لفترة أطول بكثير مما يتوقعه المستثمرون، ربما حتى عام 2026. كان هذا هو الاستنتاج الذي توصلت إليه ورقة بحثية نشرت من قبل اقتصاديي بنك الاحتياطي الفيدرالي في مدينة كانساس.
وفي فبراير 2023، قال صندوق النقد الدولي إن البنوك المركزية العالمية بحاجة إلى توضيح ضرورة استمرار معدلات الفائدة المرتفعة لفترة أطول من أجل خفض معدلات التضخم بشكل مستدام.

تحرك لتعديل عوائد الودائع

يذكر أن المودعين بدأوا يلاحظون في الآونة الأخيرة ازدياد الحملات تجاه جذب الودائع الاستثمارية مع بداية تغير أنماط نظرة الأفراد إلى الودائع المصرفية المجانية. وحفز التضخم وزيادة وعي الأفراد حول معدلات السايبور للأفراد للبحث عن منتجات آمنة ذات عائد يفوق نسبة التضخم.
ومنذ العام الماضي والأفراد والشركات قد بدأوا التوجه نحو البحث عن المصارف التي تمنح عوائد أكثر على الودائع، ولا سيما أن بعض المصارف الرقمية تمنح فوائد أعلى على ودائع “المرابحات الرقمية” بحكم انخفاض مصاريفها التشغيلية.
وجاء ارتفاع السايبور لأجل عام فوق 6 في المائة -خلال الربع الرابع من 2022- بمنزلة نقطة التحول التي فرضت على البعض إعادة ترتيب الخريطة الاستثمارية لبعض الأفراد.
وأصبح هناك تدقيق أكثر عن الخيارات الاستثمارية التي تمنح عوائد مشابهة، وصاحب ذلك تغير في سلوك الأفراد حول الودائع المجانية، وتوجه نحو البحث عن الودائع الزمنية التي تمنح عوائد مرتفعة، بل إن بعض المصارف السعودية أصبحت تجتذب الودائع الدولارية مقابل عوائد. غير أن نسبة العائد على الوديعة الزمنية المقومة بالريال سيكون أعلى من نظيرتها الدولارية. تاريخيا دائما ما يتداول السايبور بعلاوة فوق الليبور.

البنوك الأمريكية تضطر لرفع الفائدة

في أبريل 2023 حصل الأمريكيون على أعلى عائد على ادخاراتهم منذ 15 عاما، ويرجع الفضل في ذلك جزئيا إلى التضخم الذي دفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة. وتجاوزت معدلات الفائدة على حسابات التوفير ذات العائد الأعلى عبر الإنترنت مستوى 5 في المائة، وهي الأعلى منذ عام 2008، وتتجاوز بكثير مستوى 0.8 في المائة المسجل في العام الماضي، وفقا لموقع “بنك ريت”.
فيما قال “كين تومين” مؤسس موقع “ديبوزيت أكونتس” للودائع: “مقابل حساب به عشرة آلاف دولار، يمكن أن يكسب الشخص 500 دولار، بدلا من صفر تقريبا في السابق”. وفي مارس 2023، اتجهت البنوك الأمريكية لرفع الفائدة على ودائع العملاء، مع عودة المنافسة على أموال العملاء.

سايبور حقبة الثمانينيات

سجلت آجال السايبور الأربعة أعلى مستوياتها في أواخر الثمانينيات، عندما راوحت بين 10.18 في المائة و11 في المائة، وفقا للبيانات التاريخية لمنصة “ماكرو بوند” السويدية.
ووفقا للتقرير المنشور لـ”الاقتصادية” في 28 فبراير 2021، فإن المعدل المتوسط لفائدة السايبور “في ذلك الوقت” يعد أقل بـ12 مرة من أعلى مستوياته التاريخية المسجلة في 1989، الأمر الذي يعني أن هذا الوقت يعد أفضل وقت للاستدانة بالفائدة الثابتة على مدى 32 عاما.
معلوم أن أعلى مستويات الفائدة السعودية خلال الأعوام العشرة الماضية قد جاءت بين الفترة من 2016 و2019، حيث يوفر القطاع المالي للسعودية حلولا مريحة للعملاء الذين يرغبون في التحول من الفائدة المتغيرة إلى الثابته أو العكس.
ومنذ بداية 2020 إلى نهاية 2021 والمستدينون السعوديون والشركات يحصلون على أخبار إيجابية بنهاية كل شهر وهم يرون مدفوعاتهم الدورية، التي تسعر بالفائدة المتغيرة، تنخفض بشكل متدرج، مقارنة بالمستويات التي كانت عليها خلال 2019.

ما السايبور؟

تستعين البنوك السعودية بمؤشر السايبور عندما تحاول الاقتراض من بعضها بعضا. والسايبور هو سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية لثلاثة أشهر. وتتفاوت أسعار السايبور، وفقا لآجال الاقتراض “قصيرة الأجل” التي قد تراوح بين شهر وعام.
وتعد أسعار السايبور بمنزلة العمود الفقري الذي تقوم عليه قروض الأفراد والشركات، وكذلك بعض إصدارات السندات السيادية “التي تسعر بالفائدة المتغيرة” في السوق المحلية. فعلى أساسها، يتم تحديد الفوائد / الأرباح التي يدفعها المقترضون للبنوك. وتتم عملية احتسابه بعد أن يقدم 15 بنكا سعر الفائدة، ويتم بعدها حذف أعلى وأقل رقمين ومن ثم ننتهي بمعدل نسبة الفائدة. وعندما ترتفع معدلات السايبور، يرتفع كذلك الهامش الربحي للبنوك التي قدمت قروضا لعملاء بفائدة متغيرة. وحدهم العملاء الذين اختاروا الفائدة الثابتة يصبحون في مأمن من تقلبات أسعار الفائدة.
وأعلن البنك المركزي السعودي في أواخر 2016 موافقته على ما تم الاتفاق عليه بين القطاع المصرفي وشركة “تومسون رويترز” بأن تكون الشركة مديرا لاحتساب وإدارة سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية “سايبور”.
وقال “ساما”، “إن هذه الخطوة تأتي في إطار الدور الإشرافي والرقابي الذي تقوم به على القطاع المصرفي، وسعيا منها لتعزيز الشفافية والمصداقية في آلية احتساب سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية (سايبور)”.
وتعمل اللجنة المشتركة الممثلة من البنوك بالمشاركة في احتساب معدل “سايبور” الذي ستقوم “تومسون رويترز” باحتسابه استنادا إلى منهجية وإجراءات تتوافق مع المبادئ والإرشادات التي وضعتها المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية “الأيسكو”.

وحدة التقارير الاقتصادية


Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى