عالمي

أرباح طائلة لـ”المركزي التونسي” تثير الجدل فما الأسباب؟

كشف البنك المركزي التونسي عن تحقيق ارتفاع في حجم الأرباح خلال عام 2022، إذ سجل أرباحاً صافية بقيمة 715.2 مليون دينار (229.9 مليون دولار) في مقابل 451.2 مليون دينار (145 مليون دولار) في عام 2021 بزيادة ناهزت 58.5 في المئة، بحسب تقريره المالي الخاص.

لكن نسبة النمو هذه في صافي أرباح المؤسسة التونسية أثارت ردود أفعال واسعة، إذ ذهبت بعض الآراء المتداولة في تونس إلى أن الأرباح المذكورة وردت تبعاً لعمليات إعادة تمويل البنك المركزي للبنوك المقرضة للدولة، وحصلت بمقتضاها الدولة التونسية على قروض في شكل سندات خزانة أو قروض مجمعة، لكن متخصصين ومسؤولين سابقين في تحليلهم لـ”اندبندنت عربية” نفوا انحسار هذه الإيرادات في هذه العوامل، وقالوا إن العمليات التي قام بها البنك المركزي بالسوق النقدية، وهي من صميم مهمات تدخله، مكنت من تحقيق هذه النسبة من الأرباح.

وأوضح البنك المركزي في تقريره حول موارده أنها متأتية بالأساس من عمليات التدخل في السوق، وأنها  لا تزال تمثل البند الأهم في قائمة أرباح البنك بنسبة 69.4  في المئة من مجموع الموارد، إذ ارتفعت بنسبة 18.6 في المئة بما قيمته 126.9 مليون دينار (40.8 مليون دولار) حتى نهاية عام 2022، وبلغت 807.9 مليون دينار (259.7 مليون دولار) في مقابل 681.1 مليون دينار (219 مليون دولار) قبل عام، وفسر التطور بازدياد الفوائد المسجلة من العمليات الرئيسة لإعادة التمويل لمدة سبعة أيام بـ103.1 مليون دينار (33.1 مليون دولار) أو بنسبة 38 في المئة، إذ انتقلت من 271.1 مليون دينار (87.1 مليون دولار) في نهاية عام 2021 إلى 374.2 مليون دينار (120.3 مليون دولار) عام 2022.

التقرير الذي يتضمن القوائم المالية للبنك يكشف عن تخصيص 303.5 مليون دينار (97.5 مليون دولار) من هذه الأرباح للاحتياطي الخاص بالمؤسسة و5 ملايين دينار (1.6 مليون دولار) لاحتياطي الصندوق الاجتماعي، بينما يبلغ القسط الراجع للدولة التونسية 406.7 مليون دينار (130.7 مليون دولار).

شراء أوسع للسندات

وسجلت الموارد على السندات المشتراة بزيادة قدرها 35.9 مليون دينار (11.5 مليون دولار) لتنتقل من 265.5 مليون دينار (85.3 مليون دولار) إلى 301.4 (96.9 مليون دولار) في 2022.

وارتفعت الفوائد على عمليات إعادة التمويل لمدة شهر ارتفاعاً طفيفاً بـ11.2 مليون دينار (3.6 مليون دولار)، لتنتقل من 55.9 مليون دينار (17.9 مليون دولار) في عام 2021 إلى 67.1 مليون دينار (21.5 مليون دولار) العام الماضي، مما يعكس زيادة في لجوء البنوك لهذا النوع من إعادة التمويل.

بينما انخفضت الموارد الناتجة من عمليات التدخل في شكل تسهيلات القروض لمدة 24 ساعة وعن عمليات التدخل الظرفي بـ5.6 مليون دينار (1.8 مليون دولار) و4.4 مليون دينار (1.41 مليون دولار) على التوالي لتبلغ 38.9 مليون دينار (12.5 مليون دولار) في مقابل 44.5 مليون دينار (14.3 مليون دولار) و1 مليون دينار (321 ألف دولار) في مقابل 5.4 مليون دينار (1.7 مليون دولار) من نهاية سنة إلى أخرى.

إدارة الطلب على السيولة

وسجل تدخل البنك المركزي في السوق النقدية لضخ السيولة للبنوك ارتفاعاً قدره 2.917 مليار دينار (932 مليون دولار) أو 44.7 في المئة ليبلغ 9.452 مليار دينار (3.02 مليار دولار) في 2022 مقـابـل 6.534 مليار دينـار (1.99 مليار دولار) في العام السابق له، مما يعكس الزيادة الملحوظة في حاجات البنوك من السيولة.

ومثلت العمليـة الرئيسة لإعادة التمويل لمدة سبعة أيام 75.1 في المئة من الإجمالي لهذه التدخلات بمبلغ قـدره 7.100 مليار دينار (2.2 مليار دولار) في مقـابـل 5.200 مليار دينار (1.6 مليار دولار) عام 2021 بزيـادة قدرها 1.90 مليار دينار (610 مليون دولار) أو بنسبة 36.5 في المئة، كما شهدت عمليات التدخل في شكل تسهيلات القروض لمدة 24 ساعة تطوراً ملاحظاً خلال عام 2022، إذ انتقلت من 310.1 مليون دينار (99.7 مليون دولار) في نهاية 2021 إلى 1.42 مليار دينار (450 مليون دولار) بحلول نهاية ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهة أخرى، انخفض قائم عملية إعادة التمويل بأجل شهر واحـد من 939 مليون دينار (301.9 مليون دولار) في نهاية 2021 إلى 930 مليون دينار (299 مليون دولار) نهاية 2022 أي بانخفاض قدره 9 ملايين دينار (2.89 مليون دولار)، أما بحساب المعدلات السـنوية فارتفع قائم هذه الأداة من 863 مليون دينار (277.4 مليون دولار) في عام 2021 إلى 970.2 مليون دينار (311.9 مليون دولار) في عام 2022.

المهمات المدرة للأرباح

ومثل رفع نسبة الفائدة الرئيسة العامل الأهم في ارتفاع موارد البنك المركزي لعام 2022 وفق المتخصص الاقتصادي فتحي النوري في تحليله لـ”اندبندنت عربية”، وسبق أن لجأ البنك المركزي التونسي إلى رفع نسبة الفائدة في ثلاث مناسبات العام الماضي، تحت وطأة التضخم الناتجة من التضخم المستورد بفعل ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية بالأسواق العالمية تأثراً بالحرب الأوكرانية، لتستقر عند ثمانية في المئة في ديسمبر (كانون الأول) 2022، بعد زيادة أسعار الفائدة بتاريخ الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) 2022 بـ25 نقطة أساسية آنذاك لتبلغ 7.25 في المئة، وأيضاً بتاريخ الـ17 من مايو (أيار) 2022، بـ75 نقطة أساسية لتبلغ سبعة في المئة.

ويؤدي تطور نسبة الفائدة الرئيسة إلى ارتفاع بديهي في موارد البنك المركزي وفق النوري، الذي رأى أن تمويل البنوك يتم عن طريق النظر في العروض المقدمة من طرفها للحصول على السيولة وتتمثل في نسب الفائدة المقترحة، على أن تختار مؤسسة الإصدار العروض المناسبة والمربحة لها وهي تحتكم بالأساس إلى نسبة الفائدة الرئيسة كسقف أدنى وهي من بديهيات العمليات النقدية عند الإقراض، في حين لا يمثل إقراض البنوك للدولة العامل الرئيس للأرباح المذكورة بحكم أن البنوك تعتمد عديداً من أصناف الموارد لديها عند إقراضها للدولة من مدخرات عملائها  وودائعها.

ويمثل اللجوء إلى البنك المركزي للتمويل أحد المناهج المتبعة في هذا الصدد، ويظل توفير السيولة للبنوك وعمليات إعادة التمويل من صميم أدوار مؤسسة الإصدار المدرة للأرباح بحكم حصولها على الفوائد مع مراعاة حجم الكتلة النقدية تفادياً لتفاقم التضخم، كما يؤدي تصرف البنك المركزي في الاحتياطي من العملات إلى جني الأرباح، إذ يوظف المخزون في السوق المالية العالمية عن طريق اقتناء السندات الحكومية الأجنبية أو إقراض مؤسسات بنكية عالمية.

إيرادات الفائدة

وبالنظر إلى الزيادة المسجلة في الفائدة الرئيسة وارتفاع أسعار الصرف تصاعدت موارد هذه العمليات، فكما يلاحظ أن هناك ارتفاعاً مهماً في القسط الراجع للدولة من هذه الأرباح وبلوغه 406.7 مليون دينار (130.7 مليون دولار) في مقابل 360.7 مليون دينار (115.9 مليون دولار) عام 2021.

في حين أشار محمد صالح سويلم المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي إلى مهمات البنوك المركزية في العالم بأسره وهي توفير السيولة، على ألا تتم هذه المهمة من دون مقابل، وهي تحدد وفق نسب الفائدة المعتمدة من مؤسسات الإصدار والعروض المقدمة من البنوك المحلية.

سار الرفع في الفائدة الرئيسة الذي اعتمده البنك المركزي التونسي بالتوازي مع نسق الأرباح، إذ يرافق زيادة الطلب على التمويل زيادة إيرادات الفائدة، وإن أسهم إقراض البنوك المحلية التونسية للدولة في زيادة الأرباح السنوية للمركزي التونسي فهو لا يمثل العامل الوحيد، بحكم حاجات البنوك للسيولة لتمويل الاقتصاد والاستثمارات من منطلق طبيعة خدماتها المعتمدة على المخاطرة، كما يقول سويلم.




Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى