عالمي

أخطار التراجع عن السيارات الكهربائية على الشركات الغربية

قبل نحو عام كانت أرقام مبيعات السيارات تشير إلى تحول المستهلكين من الإقبال على السيارات الكهربائية إلى السيارات التي تعمل بالوقود أو السيارات الهجينة (وقود وبطارية من دون حاجة لشحن كهربائي خارجي).

ومع موقف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب من تعهدات مكافحة التغيرات المناخية زادت وتيرة الابتعاد من أهداف حظر سيارات الوقود في غضون عقد من الزمن.

لم يقتصر ذلك على الولايات المتحدة، إنما امتد إلى أوروبا أيضاً، مما وضع شركات السيارات الكبرى التي استثمرت بكثافة في التحول من إنتاج سيارات الوقود إلى السيارات الكهربائية في موقف صعب.

وضمن عددها الأخير، نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريراً حول الأخطار التي يشكلها التراجع عن السيارات الكهربائية على الشركات الغربية وليس فقط على البيئة.

وهكذا تضافر توجه المستهلكين بالعودة إلى سيارات الوقود بدلاً من السيارات الكهربائية، وتراجع الحكومات عن تعهدات التحول من سيارات الوقود إلى السيارات الكهربائية، ليضع شركات إنتاج السيارات الغربية في مأزق، وذلك خلال وقت تهيمن فيه الشركات الصينية على سوق السيارات الكهربائية والسيارات الهجينة بصورة كبيرة.

في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الجاري تخلى الاتحاد الأوروبي عن التعهد السابق بحظر السيارات التي تعمل بالوقود بحلول عام 2035.

وخلال اليوم التالي، أعلنت شركة صناعة السيارات الأميركية الكبرى “فورد” عن خفض قيمة أصولها بمقدار 19.5 مليار دولار، مع إعادة التفكير في استراتيجيتها لإنتاج السيارات الكهربائية.

نهاية فورة السيارات الكهربائية

حين أعلن الاتحاد الأوروبي عام 2022 التزامه بالحظر الكامل للسيارات التي تعمل بالوقود بحلول عام 2035 بدا ذلك هدفاً طموحاً جداً، لكنه قابل للتحقيق.

ومما أسهم في إمكانية تحقيقه أن شركات صناعة السيارات كانت تتطلع إلى تحقيق الأرباح من ذلك التحول، وبخاصة مع الأسعار العالية لسيارات “تيسلا” الكهربائية.

حينها أعلنت شركة “فولكسفاغن” مثلاً أن 70 في المئة من مبيعاتها في أوروبا ستكون سيارات كهربائية بحلول عام 2030، ثم رفعت تقديراتها بعد ذلك إلى نسبة 80 في المئة.

أما شركة “ستيلانتيس” التي تضم علامات مثل “كرايسلر” و”فيات” و”أوبل” و”سيتروين” و”جيب” وغيرها، فأعلنت أن 100 في المئة من مبيعاتها ستكون من السيارات الكهربائية في غضون عقد من الزمن.

بينما كانت شركة “جنرال موتورز” الأميركية متحفظة في تعهداتها بأن التحول لن يكون قبل عام 2035.

وتراجعت كل تلك التعهدات مع تباطؤ نمو سوق السيارات الكهربائية، وعدم تحقيق التوقعات بخفض أسعار السيارات الكهربائية لتحقيق مبيعات أكبر، بالتالي زيادة هامش الربح. فعلى سبيل المثال لم يصل نصيب السيارات الكهربائية من سوق السيارات في أوروبا هذا العام 2025 إلى أكثر من 20 في المئة، وليس ذلك هو معدل النمو الذي يمكن معه تحقيق حظر سيارات الوقود بحلول عام 2035.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومما ضغط الطلب على السيارات الكهربائية نزولاً، بحسب تقرير المجلة، ارتفاع كلف الإنتاج والافتقار إلى موديلات صغيرة ومخاوف عدم كفاية البنية التحتية لمحطات الشحن، إلى جانب تردد الحكومات في تقديم الدعم وحوافز شراء السيارات الكهربائية.

ولعل أحدث تلك التحركات الحكومية بدء بريطانيا تحصيل “ضريبة الطريق” على السيارات الكهربائية، التي كانت معفاة منها حتى الآن.

وطبعاً، نرى الوضع أكثر وضوحاً في السوق الأميركية مع إلغاء إدارة الرئيس ترمب كل الحوافز والامتيازات للسيارات الكهربائية، فالإدارة الحالية لا ترى مشكلة في استخدام الوقود الأحفوري بصورة عامة ولا تعبأ بمكافحة التغيرات المناخية بالأساس.

لذا، تراجعت مبيعات السيارات الكهربائية داخل الولايات المتحدة إلى أقل من نسبة 10 في المئة من سوق السيارات، وتكاد تكون توقفت تماماً الآن لمصلحة السيارات التي تعمل بالوقود والسيارات الهجينة.

كيف ستتكيف الشركات

نتيجة الجمود في مبيعات السيارات الكهربائية عدلت شركة “فورد” خططها، فعلى سبيل المثال أوقفت الشركة إنتاج الشاحنة الكهربائية F-150 وبدأت بإنتاج شاحنة بمحرك صغير يعمل بالوقود ويشحن بطارية عند الحاجة (هجين)، ووقعت اتفاقاً مع شركة “رينو” لإنتاج سيارة كهربائية صغيرة للسوق الأوروبية.

وبالنسبة إلى أوروبا ومع تعرض الاتحاد الأوروبي لضغوط من الشركات وبعض الدول مثل ألمانيا وإيطاليا، لا تعتزم أوروبا التخلي تماماً عن التحول في مجال السيارات، لكن الاتحاد يقول إنه يجري “تغييرات معتدلة”، على حد وصف بنك “يو بي أس” الاستثماري.

فبدلاً من الحظر التام للسيارات التي تعمل بالوقود، تقرر أن تخفض الشركات الانبعاثات من السيارات الجديدة بحلول عام 2035 بنسبة 90 في المئة عن مستويات عام 2021.

ومع أن الاتحاد الأوروبي يؤكد أن التغييرات لا تنال من الالتزام بالقضاء على الانبعاثات، كما تعهد سابقاً، إلا أن مركز أبحاث البيئة والنقل في بروكسل يؤكد أن مبيعات السيارات التي تعمل بالوقود والهجينة ستستمر.

ويقدر المركز أن ربع (نسبة 25 في المئة) السيارات المبيعة في السوق بحلول عام 2035 ستكون سيارات تعمل بالوقود وسيارات هجينة.

وبحسب شركة الأبحاث “شميدت أوتوموتيف ريسيرش” فإن نصيب السيارات الكهربائية الصينية من سوق أوروبا الغربية خلال الأشهر الـ10 الأولى من هذا العام كان عند نسبة 10.7 في المئة، وذلك بزيادة بمعدل واحد في المئة على العام الماضي.

وهذا على رغم فرض الاتحاد الأوروبي رسوماً كبيرة على السيارات الكهربائية الصينية منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وارتفعت مبيعات السيارات الصينية الهجينة التي لا تخضع للرسوم الجمركية العالية بصورة كبيرة.

وتبقى مشكلة الشركات الغربية أن تراجعها عن السيارات الكهربائية سيؤدي إلى خسارة مزدوجة، فمن ناحية ستخسر الاستثمارات الكبيرة في خطوط إنتاج السيارات الكهربائية، ومن ناحية أخرى ستخسر نصيبها من سوق السيارات الكهربائية الذي حتى وإن تراجع نموه فلن يتوقف.

وستملأ السيارات الصينية وغيرها الفراغ، ليس فقط داخل السوق الأوروبية بل في أسواق التصدير أيضاً حول العالم.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى