عالمي

هل تصلح الزيارات الأميركية إلى بكين علاقات اقتصادية أفسدتها السياسة؟

تحدثت البيانات الرسمية الأميركية والصينية بإيجابية عن زيارة وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إلى الصين خلال عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة، لكن البيانات الإنشائية لا تعني أن الوزيرة أفلحت في مهمتها بتذويب الجليد بين أكبر اقتصادين في العالم.

وجاءت زيارة يلين كثاني وزير أميركي يصل إلى الصين خلال أقل من شهر، إذ سبقها بثلاثة أسابيع وزير الخارجية أنتوني بلينكن الذي التقى الشهر الماضي الرئيس الصيني شي جينبينغ، وهي الزيارة التي تأجلت بسبب غضب الصين من رد الفعل الأميركي على تحليق بالون صيني فوق أراضيها، اعتبرته واشنطن تجسسا وأصرت بكين على أنه لأغراض بحثية وانحرف عن مساره.

وعملياً لم تسفر زيارة بلينكن عن كثير من إصلاح العلاقات الصينية – الأميركية المتدهورة، ولكن يلين التي لم تلتق الرئيس الصيني ركزت على العلاقات الاقتصادية والتقت رئيس الوزراء لي كيانغ، لكن لقاءها الأهم كان مع نائب رئيس الوزراء والمشرف على العلاقات الصينية – الأميركية وأهم شخصية اقتصادية في البلاد حالياً وهو ليو هي المقرب جداً من الرئيس شي.

واستمر لقاء الوزيرة الأميركية وفريقها مع نائب رئيس الوزراء الصيني أكثر من ضعف الوقت المحدد للاجتماع، إذ تحدثا لمدة خمس ساعات كاملة، وهي نصف مدة المحادثات الرسمية التي أجرتها وزيرة الخزانة الأميركية مع المسؤولين الصينيين وبلغت في إجمالها 10 ساعات.

وركزت يلين خلال محادثاتها مع المسؤولين الصينيين على ضرورة تعزيز الاتصالات بين البلدين لتفادي سوء الفهم الذي يمكن أن يضر بالعلاقات الاقتصادية بينهما، وأيضاً بالأسواق العالمية والاقتصاد العالمي ككل، إذ قالت يلين في تصريح لها من بكين إنه “على رغم التوترات الأخيرة إلا أننا حققنا معدلاً غير مسبوق من التجارة بيننا خلال عام 2022، وهذا يؤكد أن هناك مساحة جيدة لشركاتنا كي تتعاون معاً في مجال التجارة والاستثمار”.

وفي معرض تأكيدها أهمية التواصل بين البلدين وخصوصاً في ما يتعلق بالسياسات الاقتصادية التفصيلية وضمان الاستقرار المالي، قالت يلين إنه “في ظل آفاق مضطربة ومعقدة للاقتصاد العالمي فهناك حاجة ملحة إلى التواصل القوي بين أكبر اقتصادين، وتبادل الآراء ووجهات النظر حول كثير من التحديات”.

كما التقت يلين أيضاً المرشح الجديد لتولي منصب رئيس بنك الشعب (المركزي الصيني) بان غونغشينغ، وهو أيضاً مقرب من الرئيس الصيني شي جينبينغ.

وفي غضون ذلك لم تنف الوزيرة الأميركية استمرار العقوبات الأميركية في ما يتعلق بحظر تصدير التكنولوجيا إلى الصين أو وضع قيود على الاستثمارات الأميركية في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، وبحسب تقارير الإعلام الصيني فقد طالب المسؤولون الصينيون جانيت يلين بضرورة وقف سياسة العقوبات إذا كان للعلاقات أن تتطور بين الجانبين، إلا أن الأميركيين يرون أن مشكلات الأمن يجب ألا تعقد التجارة والاقتصاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقالت يلين إن “الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات محددة الهدف لحماية أمننا القومي، ومع أننا لا نتفق حول هذه الإجراءات إلا أنه يتعين علينا ألا نجعل الخلاف حولها يؤدي إلى سوء الفهم، خصوصاً ذلك الناجم عن عدم وجود التواصل الكافي الذي يمكن أن يضر بعلاقاتنا الثنائية الاقتصادية والمالية”.

وضمن برنامجها للزيارة وزيرة الخزانة الأميركية أيضاً المسؤولين الصينيين في مجال مكافحة التغيرات المناخية وتحسين البيئة، وأعربت عن أملها في تعاون صيني – أميركي في مجال تمويل مؤسسات التحول إلى البيئة النظيفة والحد من التغيرات المناخية، إذ إن الولايات المتحدة والصين يعدان أكبر بلدين ينتجان الغازات التي تسبب الاحتباس الحراري وتضر بالمناخ.

تفاؤل حذر

ومن غير الواضح إن كانت توقعات يلين بمساعدة صينية في تمويل مشاريع مناخية تتحمس لها الولايات المتحدة في محله أم لا، كما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”.

وتشير التوقعات إلى زيارة قريبة لمبعوث المناخ في الإدارة الأميركية جون كيري إلى بكين خلال أيام، ليكون ثالث مسؤول أميركي رفيع يصل إلى الصين في غضون أسابيع.

وبعيداً من التعاون في مجال مكافحة التغيرات المناخية أو الحد من العقوبات المتبادلة والإجراءات الحمائية لاعتبارات أمنية تضر بالتجارة والاستثمار بين البلدين فهناك هدف أهم للأميركيين، إذ إن إدارة الرئيس الأميركي جون بايدن تريد تخفيف التوتر مع الصين في ما تبقى من العام الحالي وقبل بدء الحملة الانتخابية العام المقبل.

ومن الواضح أن إدارة بايدن التي كثيراً ما اتهمت إدارة الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترمب بالأضرار بعلاقات أميركا الخارجية، تعد أكثر تشدداً مع الصين، وكذلك سيشهد العام المقبل انتخابات عامة في تايوان لا تريد واشنطن لها أن تبدأ في ظل توتر حاد بينها وبين بكين، وفيما يدرك المسؤولون الصينيون ذلك فعلى الأرجح أنهم لن يكونوا متحمسين لتقديم خدمات مجانية للإدارة الأميركية.




Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى