عالمي

“مختبر إيفل” .. دراسات مناخية لتوفير أنظمة تهوية طبيعية في المباني

يعد الدخان الوسيلة المثلى لاختبار قوة الريح، وهي التي يستخدمها المهندس فالنتان ديلبلانك، إذ يحقن دخانا أبيض داخل مجسم زجاجي لمبنى مدرسة، ما يتيح له فورا رصد تيارات الهواء المنتشرة حول المبنى وداخل الغرف.
ووفقا لـ”الفرنسية” تهدف التجارب التي يجريها ديلبلانك في المختبر الهوائي المعروف أيضا بنفق الرياح، والبيانات التي يتيح له عمله جمعها، إلى مساعدة وكالة الهندسة المعمارية S&AA في ستراسبورج على إقامة نظام تهوية طبيعية في مبنى مدرسة بجزيرة مايوت، بهدف محاولة الاستغناء عن تكييف الهواء في هذه الجزيرة ذات المناخ الاستوائي، وذلك بفضل واجهة من الطوب المخرم تسمح للهواء بالمرور.
ويشكل توفير استهلاك الطاقة والتكيف مع ظاهرة الاحترار المناخي، وكذلك دراسة قوة الرياح في مناطق معينة في الطقس البارد أو الحار مجموعة أهداف جديدة لنفق إيفل للرياح في باريس، حيث تجرى هذه الاختبارات على نماذج مصغرة للمباني.
ففي “مختبر إيفل للديناميكا الهوائية” الذي يقع في شارع هادئ في غرب باريس وصنف عام 1996 معلما تاريخيا، لا يزال العمل جاريا بعد 100 عام على وفاة مؤسسه، باني البرج الذي يحمل الاسم نفسه، جوستاف إيفل.
لا يزال المختبر محفوظا بالشكل الذي كان عليه قديما. تم تغيير المحرك، لكن جزءا كبيرا من أدوات تلك الفترة، كمجسات الغلاف الجوي، لا يزال موجودا. وفي الواجهة، وضع كتاب جوستاف إيفل الصادر عام 1907 بعنوان “أبحاث تجريبية حول مقاومة الهواء أجريت في برج إيفل”.
وهبت أخيرا على المختبر رياح تجدد أعادت إليه شبابه، تتمثل في عقود مع جهات معنية بقطاع البناء لإجراء دراسات مرتبطة بتأثير ظاهرة الاحترار المناخي.
فبعدما كان يجري اختبارات على الطائرات الفردية أو الثنائية السطح حتى الحرب العالمية الثانية، ثم على السيارات، بات نفق إيفل للرياح اليوم يعمل على دراسة التصميم المناخي الحيوي للمباني ومكافحة الجزر الحرارية الحضرية، على ما أوضح جان ماري فرانكو، المدير التشغيلي للمختبر التابع لمركز البناء العلمي والفني للبناء CSTB منذ 2005.
وكانت لجوستاف إيفل نفسه “مهنتان”، إحداهما تلك التي يعرفها الجميع عنه كمنشئ للمباني المعدنية، وتوجها ببرج إيفل. ثم “كرس حياته لدراسة الديناميكا الهوائية” وللعلم من خلال بنائه عندما كان في الـ80 هذا المختبر المخصص لقياس الرياح ودراستها، وكان عمله في البداية يتركز على علم الطيران.
وأشار فرانكو الذي ينسق عمل الفريق الصغير المسؤول عن الاختبارات ويتألف من مهندسين وفني إلى أن “الرياح كانت دائما مصدر قلق بالنسبة له، وكان يقول إنها عدوته”.
وصمم نفق الرياح بطريقة تشبه مكنسة كهربائية عملاقة. ويتصل مجمع الهواء أو الرياح، وهو عبارة عن قمع كبير يبلغ طوله أربعة أمتار، بغرفة اختبار، حيث توضع نماذج للمباني المراد دراستها، والتي تعبرها تدفقات هواء متفاوتة السرعة.
وشرح المهندس فالنتان ديلبلانك “يمكننا أن نصل إلى سرعة تصل إلى 100 كيلومتر في الساعة ونتولى قياس عنصرين، هما معدلات التدفق الوارد والصادر، والراحة الحرارية في كل غرفة، وذلك بفضل قياس التبخر”.
وتخص معظم الدراسات التي يجريها نفق الرياح على أقاليم ما وراء البحار الفرنسية، وخصوصا مايوت وريونيون، وتتناول بصورة أساسية تدفقات الهواء، وحقول الضغط على واجهات المباني، والهدف منها هو تجنب الجزر الحرارية، الناتجة أحيانا عن الاستخدام المكثف لمكيفات الهواء التي تصدر الهواء الساخن إلى الخارج.
وأفاد ديلبلانك بأن المختبر بدأ يتلقى طلبات لإجراء “دراسات تتعلق بالمدارس في جنوب فرنسا”.
وتحقق الشركة التي تدير نفق الرياح مبيعات متواضعة تبلغ نحو 300 ألف يورو سنويا. وقال فرانكو “شهدنا فترات صعود وهبوط، لكن الأمر نجح دائما، حتى اليوم، ليس المختبر متحفا، بل نحن نعمل هنا”.
ومع أن معظم الاختبارات من هذا النوع تجري حاليا رقميا، شدد فرانكو على أن لنفق إيفل للرياح دورا فريدا وهو توفير “قراءات للبيانات الرقمية”.
وكان جوستاف إيفل نفسه متمسكا جدا بما يسمى اليوم المصدر المفتوح: بحسب فرانكو، “فأثناء الاختبارات التي كانت تجرى في نفق الرياح لحساب صناعيين، كان يتيح المجانية إذا تمكن من نشر النتائج”.


Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى