متاعب 2020 .. آمال 2021
انتهى عام 2020 بعد تجربة تاريخية لا تحدث عادة إلا كل 100 عام، صبغ تفشي وباء كورونا المستجد العام الماضي بهويته، كل شيء في هذا العالم صار مرتبطا به بصور مختلفة، بعضها مأساوي وبعضها الآخر أقل مأساوية، إلا أنها في النهاية أزمة صحية اقتصادية معيشية اجتماعية إنسانية وحتى سياسية، لم يسلم بلد منها. حيث أحدثت أزمة كورونا تغييرات عديدة وفي كل الميادين، وكان الأمر متوقعا نظرا للخسائر التي مني بها الاقتصاد العالمي ككل، إضافة طبعا إلى الأرواح التي حصدها الوباء في كل مكان، التي لا تزال تحصد من جراء موجة كورونا الثانية، والفيروس المتحور سريع الانتشار، الذي بدأ يظهر في أماكن بعيدة عن بلد المنشأ بريطانيا.
متغيرات سياسية واقتصادية وحتى اجتماعية، بحيث بات من الصعب إتمام لقاء طبيعي بين أفراد العائلة، حرصا على صحة الجميع. الحكومات في العام الماضي تدخلت بصورة كبيرة من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، حتى إن بعضها اضطر إلى تأميم مؤسسات بهدف الحفاظ عليه، نظرا لقيمتها المعنوية الوطنية. ورغم أن العالم التقط بعضا من أنفاسه في الصيف الماضي، إلا أنه سرعان ما عاد إلى ضربات الأزمة الاقتصادية عبر موجة الوباء الثانية. فالتعافي الذي مر به في غضون ثلاثة أشهر، استوقف خلال غصون أيام، عندما اضطر بعض الدول على إعادة الإغلاق الكلي لاقتصاداتها، لمحاصرة ما أمكن لهذا الفيروس.
فالموجة الثانية، نالت في الواقع من كل الآمال التي كانت متعلقة بإمكانية أن تعود الأوضاع الاقتصادية إلى ما كانت عليه قبل نهاية العام الماضي، ما أجبر الحكومات على مواصلة برامج الإنقاذ الاقتصادي، وضخ الأموال في اقتصادات لا حراك لها في الواقع. الموجة الثانية أضافت مزيدا من الديون على كاهل الاقتصاد العالمي كله، وكرست حقيقة، أن العودة إلى ما قبل كورونا ليست قريبة، أو على الأقل ليست واضحة المعالم، حتى بعد أن سمحت أغلبية الدول بلقاحات متعددة المصادر.
كان طبيعيا أن تتقدم “مجموعة العشرين” بدعم مالي عالمي بلغ أكثر من 11 تريليون دولار، في حين أن الخسائر المقدرة للاقتصاد العالمي بلغت أكثر من 22 تريليون دولار حتى الآن. لا تزال الصورة غير واضحة، حتى مع الآمال العريضة المعلقة على اللقاحات المضادة لكورونا، فالأمل في أن يتم التعافي قبل حلول منتصف العام الجديد، ولكن ليس قبل أن تتم السيطرة الكاملة على وباء أخذ قبل نهاية العام الماضي بتحوير نفسه إلى شكل سريع الانتشار، ويستهدف حتى شرائح الأعمار الصغيرة. المهم الآن أن تجري استراتيجية اللقاحات وفق ما هو مخطط لها، لأنها الوحيدة القادرة على إعادة فتح الاقتصادات المغلقة أو شبه المغلقة.
فلا يمكن للتعافي أن يكون له موطئ قدم، قبل أن يتحرك الاقتصاد العالمي، وتعود عجلة التجارة والإنتاج إلى العمل بكامل طاقاتها. علما، بأن الآمال هذه المرة الناجمة عن هذه اللقاحات أكثر واقعية من الآمال التي سادت العالم في الصيف الماضي، ما يعني أن التعافي المرجو قد يظهر بالفعل في العام الجديد، وتعود الحياة حول العالم إلى طبيعتها. فكل ما يتحاج إليه العالم في عام 2021 هو تأمين النمو بأعلى مستوى ممكن، من أجل تعويض الخسائر قدر الإمكان أولا، وحماية المكتسبات المختلفة، وصيانة المجتمعات من كل الآثار السلبية لهذه الجائحة التي لم يتوقعها أحد. دون أن ننسى، أن دولا عديدة تحتاج أكثر من غيرها إلى المساعدة المباشرة بسبب أوضاعها الاقتصادية السيئة حتى قبل تفشي جائحة كورونا.
Source link