عالمي

صناعة النفط لا تنفق ما يكفي لتلبية الطلب .. 490 مليار دولار استثمارات 2023 المتوقعة

تلقت أسعار النفط الخام دعما جيدا في بداية الأسبوع من خطة التحفيز الاقتصادي في الصين، حيث اتخذت خطوات لدعم اقتصادها المتعثر، بينما يقاوم المكاسب مخاوف تباطؤ وتيرة النمو وكذلك توقعات ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية.
كما تراجعت توقعات ضيق السوق وشح الإمدادات في ضوء توجه الإدارة الأمريكية نحو تخفيف العقوبات على فنزويلا التي أدت في الأعوام الماضية إلى شل إنتاج وصادرات النفط الخام حيث وصل إنتاج النفط الخام الفنزويلي في العام الماضي إلى أدنى مستوى له منذ 50 عاما عند نحو 700 ألف برميل يوميا.
وقال لـ”الاقتصادية”، محللون نفطيون “إنه إذا خففت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن العقوبات بشكل أكبر وسمحت لشركات النفط الغربية الأخرى بالعمل في فنزويلا يمكن زيادة إنتاجها بنحو 200 ألف برميل يوميا والوصول إلى نحو مليون برميل يوميا من إنتاج النفط الخام بحلول عام 2025”.
وأوضح المحللون أن مشكلة نقص الاستثمارات النفطية الجديدة -التي حذرت منها “أوبك” مرارا- ما زالت تؤرق الصناعة، لافتين إلى تأكيد شركة “وود ماكنزي” أن صناعة النفط لا تنفق ما يكفي من الإمدادات لتلبية الطلب.
ونقل المحللون عن الشركة توقعاتها بتسجيل إجمالي الاستثمارات في الإنتاج الجديد 490 مليار دولار في العام الجاري، موضحين أنه على الرغم من احتمال وصول الطلب إلى الذروة فإن السوق تشعر بالقلق إزاء عدم وجود احتياطي كاف من الطاقة الإنتاجية.
وذكروا أن شركات النفط في الصين أعلنت عن انخفاض صافي أرباحها للنصف الأول من العام الجاري وسط تراجع أسعار الخام العالمية، كما أن انتعاش الطلب على الوقود في الصين جاء أضعف من المتوقع.
وفي هذا الإطار، قال روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، “إن المعروض النفطي يتجه إلى الوفرة مجددا في ضوء توجه أمريكي نحو إنهاء أو تخفيف العقوبات على إيران وفنزويلا، ما قد يعزز الصادرات”.
وأوضح أن الإنهاء المحتمل للعقوبات المفروضة على فنزويلا من جانب الولايات المتحدة يمكن أن يحفز صناعة النفط في فنزويلا حيث انخفض الإنتاج إلى أدنى مستوى له منذ خمسة عقود بعدما أدت العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب إلى شل إنتاج وصادرات النفط الخام في فنزويلا، وكانت الصناعة في تراجع لأعوام بسبب سوء الإدارة والفساد ونقص الاستثمار في العمليات الميدانية وصيانة المصافي.
من جانبه، أشار ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة إلى تقارير دولية تؤكد أن شركات النفط والغاز لا تزال تنفق أقل من المطلوب على الإمدادات الجديدة، مبينا أن صناعة النفط لا تنفق ما يكفي لتحقيق التوازن بين العرض والطلب.
ولفت إلى أنه بعد أعوام من التحذيرات الدولية من نقص الاستثمار في عمليات استكشاف جديدة كافية بدأت الصناعة في إنفاق مزيد، ومع ذلك سيظل أقل مما هو ضروري لتأمين إمدادات كافية للاستجابة للطلب.
وأشار إلى ملاحظة السوق صعود الولايات المتحدة كمنتج بارز في مجال النفط الصخري إلى جانب نمو المصادر الأخرى من خارج “أوبك”، متوقعا أن يحافظ المنتجون من خارج “أوبك” على حصة سوقية ثابتة في الأعوام المقبلة، مبينا أن الآبار تنتج بالفعل كميات من النفط أكثر من المتوقع، ما أدى إلى زيادة إجمالي الإنتاج حيث يرجع السبب وراء زيادة إنتاجية الآبار إلى التحسينات التكنولوجية.
من ناحيته، قال ماثيو جونسون المحلل في شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات، “إن اتساع رقعة وإنتاجية المنتجين يعمل على وفرة المعروض”، موضحا أنه إلى جانب الولايات المتحدة هناك أيضا كندا والمكسيك والبرازيل ومنتجون أصغر مثل جيانا، وهو ما يعزز الإمدادات العالمية، لكن تحالف “أوبك +” يظل هو الأكبر والأبرز في سوق النفط بسبب سياساته المشتركة لإدارة العرض.
وذكر أنه مع توسع تكتل “بريكس” بضم ست دول جديدة ينمو ويتسع التعاون بين أكبر المنتجين في العالم، مضيفا أن الاستثمارات العالمية في إمدادات النفط والغاز الجديدة آخذة في الارتفاع على الرغم من الدفعة الانتقالية”، حيث أفاد بنك جولدمان ساكس بأن هناك حاليا 70 مشروعا واسع النطاق للنفط والغاز قيد التطوير على مستوى العالم في الوقت الحالي.
بدورها، أكدت تيتي اولاور مدير التسويق في شركة “سيتا” النيجيرية لتجارة النفط، أن أنشطة التكرير في الصين سجلت أخيرا مستوى أعلى مما كان عليه في النصف الأول من العام الماضي، حينما كانت القيود المرتبطة بفيروس كورونا في الصين لا تزال قائمة، وهو ما أدى إلى انخفاض الطلب على المنتجات البترولية، مشيرة إلى أنه في النصف الأول من العام الجاري قامت أبرز الشركات الصينية بزيادة التكرير بنسبة 4.8 في المائة على أساس سنوي.
وأفادت بأن ذروة الطلب على النفط هي احتمال بعيد نسبيا وربما يصبح الأمر أكثر بعدا إذا بدأت الفترة الانتقالية تظهر علامات الإرهاق وسط تضخم كبير في التكاليف ومخاطر نقص المواد الخام.
وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط أمس تماشيا مع ارتفاع أسواق الأسهم، بعد أن اتخذت الصين خطوات لدعم اقتصادها المتعثر، على الرغم من أن المستثمرين ما زالوا قلقين بشأن وتيرة النمو وكذلك ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية الذي قد يثبط الطلب على الوقود.
وخلال التعاملات أمس، ارتفع خام برنت 22 سنتا أو 0.3 في المائة إلى 84.70 دولار للبرميل، بينما سجل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 80.08 دولار للبرميل مرتفعا 25 سنتا أو 0.3 في المائة.
وقال توني سيكامور، المحلل لدى “آي جي ماركتس”، “إن النفط استفاد من مؤشرات إيجابية عند الافتتاح بعد أن خفضت الصين رسوم الدمغة على تداول الأسهم إلى النصف بدءا من أمس في أحدث محاولة لتعزيز الأسواق المتعثرة”.
وأضاف “مع الأسف بعد التخفيض المتواضع لسعر الفائدة (الذي أصدره البنك المركزي الصيني) الأسبوع الماضي، فإن الإعلانات المذكورة أعلاه تعد بمنزلة إجراء تدريجي آخر لن يغير تشاؤم المستثمرين تجاه الصين”.
وقال سيكامور “إن مؤشر مديري المشتريات الصناعي في الصين المقرر صدوره في وقت لاحق هذا الأسبوع سيكشف على الأرجح عن مزيد من الأخبار الاقتصادية القاتمة، تتعلق بثاني أكبر اقتصاد في العالم”.
وأضاف أنه “من المرجح أن يظل مؤشر مديري المشتريات في منطقة الانكماش للشهر الخامس على التوالي”.
وقالت تينا تنج المحللة في “سي إم سي ماركيتس”، “إن سيناريو الهبوط الناعم للاقتصاد الأمريكي عزز أسواق الطاقة أمس على الرغم من إصرار الفيدرالي الأمريكي على الاستمرار في رفع أسعار الفائدة”.
وسجل الخامان برنت وغرب تكساس الوسيط خسارة للأسبوع الثاني يوم الجمعة، بعد أن قال جيروم باول رئيس الفيدرالي الأمريكي “إن البنك المركزي الأمريكي قد يحتاج إلى رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر لتهدئة التضخم الذي لا يزال مرتفعا للغاية”.
ومع ذلك، ظلت أسعار النفط فوق 80 دولارا للبرميل بدعم من انخفاض مخزونات النفط وتخفيضات الإمدادات من مجموعة “أوبك +” لمنتجي النفط.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 86.89 دولار للبرميل يوم الجمعة مقابل 85.71 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب عدة انخفاضات سابقة، وأن السلة كسبت بضعة سنتات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 86.46 دولار للبرميل.


Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى