“فيتش”: البنوك الخليجية تواجه تأثيرا مباشرا محدودا من الرسوم الجمركية

قالت وكالة “فيتش” للتصنيفات الائتمانية في لندن إن الرسوم الجمركية الأميركية من المحتمل أن يكون لها تأثيرات مباشرة صغيرة في بيئات التشغيل المصرفية داخل دول مجلس التعاون الخليجي، لكن التأثيرات غير المباشرة الناجمة عن انخفاض أسعار النفط والنشاط الاقتصادي العالمي الضعيف، الذي قد يؤدي إلى خفض الإنفاق الحكومي، ستكون العامل الرئيس.
وتهيمن صادرات دول مجلس التعاون الخليجي إلى الولايات المتحدة على الهيدروكربونات، المعفاة من الرسوم الجمركية، أما الصادرات غير الهيدروكربونية التي تخضع لرسوم بنسبة 10 في المئة أو 25 في المئة للمعادن مثل الألمنيوم والصلب فهي منخفضة نسبياً، مما يحد من التأثير المباشر للرسوم الجمركية في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي وبيئات التشغيل المصرفية.
ووفقاً لـ”فيتش” تعد أسعار النفط المنخفضة والطلب العالمي الضعيف هما أكبر الأخطار بالنسبة إلى بيئات التشغيل المصرفية في دول مجلس التعاون الخليجي.
وقد يؤثر الإنفاق الحكومي بصورة كبيرة على ظروف التشغيل المصرفية داخل معظم دول المجلس، ومن الممكن أن يؤدي انخفاض إضافي في أسعار النفط إلى إضعاف توقعات “فيتش” لنمو الإقراض، في تقريرها الخاص بتوقعات البنوك داخل الشرق الأوسط لعام 2025، الذي نشر خلال ديسمبر (كانون الأول) 2024، والتي كانت في معظم الحالات قريبة من مستويات عام 2024.
وخفضت “فيتش” توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال مارس (آذار) 2025 إلى 2.3 في المئة لعام 2025 و2.2 في المئة لعام 2026، مع انحياز الأخطار نحو تباطؤ أكثر حدة.
وقد يضع ذلك ضغوطاً على أسعار السلع العالمية، ولا سيما على الهيدروكربونات التي تشكل الجزء الأكبر من إيرادات الحكومات في دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تدعم النشاط الاقتصادي وقطاع البنوك من خلال الإنفاق الحكومي.
وتعتقد “فيتش” أن توازن السوق وأسعار النفط سيحددهما بصورة رئيسة الأداء الاقتصادي العالمي وإدارة العرض من قبل “أوبك+”، إذ كانت الأخيرة تمتلك طاقة إنتاجية فائضة تزيد على 6 ملايين برميل يومياً خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، وأشارت إلى خططها لبدء تقليص خفض الإنتاج اعتباراً من أبريل (نيسان) الجاري.
إمكانية تدهور شروط الائتمان للبنوك الخليجية
وكان السيناريو الأساس لـ”فيتش” قبل فرض الرسوم الجمركية هو أن الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي لدول مجلس التعاون الخليجي ككل سيرتفع بأكثر من 3.5 في المئة خلال كل من عامي 2025 و2026. ومع ذلك، قد يؤدي انخفاض أسعار النفط وإيرادات الموازنة إلى تقليص كبير في النشاط الاقتصادي غير النفطي والإنفاق الحكومي، مما يضعف توقعات نمو الإقراض للبنوك في دول مجلس التعاون الخليجي.
وأشارت “فيتش” إلى إمكانية أن تتدهور شروط الائتمان للبنوك داخل دول مجلس التعاون الخليجي أيضاً إذا واجهت الشركات العاملة في القطاعات المتأثرة انخفاضاً في الربحية والتدفق النقدي، نتيجة لزيادة كلف التشغيل والتضخم الناتج من الرسوم الجمركية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت وكالة التصنيف الائتماني إن الشركات قد تواجه أيضاً زيادة في كلف الدين بسبب حال عدم اليقين المحيطة بأسعار الفائدة والتأخيرات المحتملة في خفض الفائدة، محذرة من إمكانية أن يؤدي الضغط على الشركات إلى تقليص الطلب الإجمالي على الائتمان، وفي النهاية يؤدي إلى زيادة الأخطار الائتمانية للبنوك وزيادة القروض المتعثرة.
ومع ذلك، قالت الوكالة إن البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي تتمتع عموماً بقدرة جيدة على امتصاص تدهور بيئة التشغيل، فقد عزز عدد من البنوك احتياطاته الرأسمالية خلال الأعوام الأخيرة، مدعوماً بأرباح قوية نتيجة لأسعار النفط المرتفعة وأسعار الفائدة الجيدة، والسيولة الممتازة والنشاط الاقتصادي القوي وظروف الائتمان المواتية.
البنوك الخليجية تتمتع بقدرة أفضل على مواجهة الصدمات
ووفقاً لـ”فيتش”، تعد البيئة التشغيلية للبنوك داخل دول مجلس التعاون الخليجي في البحرين الأكثر عرضة للتعديل السلبي، إذ سجلت تصنيفاً بيئياً “B+” سلبياً، وهو يعد الأكثر عرضة للخطر داخل دول مجلس التعاون الخليجي في حال انخفاض أسعار النفط، بسبب الوضع المالي العام الضعيف للبلاد وارتفاع عبء الدين.
أما تصنيفات البيئة التشغيلية للبنوك داخل بقية دول مجلس التعاون الخليجي، فإنها وفقاً لـ”فيتش” تتمتع بآفاق مستقرة باستثناء عمان، التي تتمتع بآفاق إيجابية، إذ قالت إن هذه الدول السيادية تتمتع بملفات ائتمانية أقوى وتصنيفات أعلى السعودية (A+/مستقرة) الإمارات (AA-/مستقرة)، قطر (AA/مستقرة)، الكويت (AA-/مستقرة)، عمان (BB+/إيجابية)، مما يعكس مرونة مالية أكبر واحتياطات أقوى، من ثم قدرة أفضل على مواجهة الصدمات والحفاظ على الإنفاق لتحفيز النشاط الاقتصادي.
بالتالي، فإن بيئة التشغيل المصرفي فيها أكثر ملاءمة، خصوصاً داخل السعودية والإمارات اللتين تحظيان بأعلى تصنيفات بيئية تشغيلية (كلاهما “BBB+”/مستقرة).