عالمي

شكوك في مساعي بريطانيا إلى تخفيض انبعاثاتها الكربونية

تساءل الكاتب والصحافي البريطاني روس كلارك، في مقال له، عما إذا ما كانت حكومة بلاده ستتوقف عن التظاهر بأن تقطيع الأشجار في غابات أميركا الشمالية، وشحنها عبر المحيط الأطلسي لحرقها في محطات توليد الطاقة في بريطانيا، هو شكل من أشكال الطاقة الخالية من الكربون؟ فيما يصف روس عملية شحن الأخشاب من أميركا الشمالية إلى محطة كهرباء “دراكس” في شمال يوركشير هذا الأسبوع بـ”مهزلة كريات دراكس الخشبية”.

وتحدث روس عن التشكيك مرة أخرى في الصداقة البيئية لمحطة كهرباء “دراكس” بعد أن أفاد تحقيق لـ”بي بي سي باناوراما”، أن بعض رقائق الخشب المحروقة هناك يزعم أن مصدرها غابات “نمو قديمة” راسخة في كندا بدلاً من المزارع الحديثة.

من جانبها، لم تعلق محطة “دراكس” على تلك الادعاءات المحددة، لكن التحقيق أعاد القضية إلى دائرة الضوء، فهناك اختلاف كبير بين كيفية ومكان الحصول على الخشب في الحسابات الإجمالية لانبعاثات الكربون الناجمة عن حرق الكتلة الحيوية، بصرف النظر تماماً عن القضايا البيئية المرتبطة بقطع الغابات القائمة، وفقاً لروس.

وقال مؤلف عديد الكتب، بما في ذلك “كيفية تسمية عنزة: القواعد واللوائح السخيفة التي تخنق بريطانيا والعظمى السابقة”، إنه مهما كان مصدر الخشب، فإن عملية حساب حرق الكتلة الحيوية، الذي يمثل 11 في المئة من توليد الكهرباء في بريطانيا في عام 2022، على أنها خالية من الكربون، معيبة بشدة، مشيراً إلى أن بريطانيا ليست فقط من تفعل ذلك، ففي عام 2022، صوَّت البرلمان الأوروبي لصالح الاستمرار في القيام بنفس الشيء.

وأضاف الكاتب البريطاني، أن حرق الخشب يؤدي بطبيعة الحال إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون، وبحسب بحث نُشر في المجلة العلمية “جورنال ساينس”، فإن وحدة الطاقة مقابل وحدة الطاقة، تطلق غازات دفيئة أكثر مما يطلقه حرق الفحم.

مزاعم بريطانية

وأشار روس إلى أنه في عام 2020، قدرت الانبعاثات الفعالة الناتجة من توليد غيغا من الطاقة الكهربائية من الخشب تساوي 117 كيلوغراماً من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، والرقم المقابل لـ”الأنثراسايت”، وهو أحد أشكال الفحم الأنظف، هو 103 كيلوغرامات وللغاز 67 كيلوغراماً.

مع ذلك، يقول روس إن بريطانيا والاتحاد الأوروبي يستمران في الإصرار على اعتبار الكتلة الحيوية وقوداً خالياً من الكربون على أساس أن الخشب لم يزرع إلا أخيراً، وسيعاد زراعته، من ثم يزعمون أن العملية ككل محايدة للكربون.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويوضح روس قائلاً “في حين أن حرق شجرة في غلاية محطة توليد الكهرباء سيستغرق بضع دقائق، فإن إعادة نمو الشجرة سيستغرق عدة عقود، وفي ذلك تجاهل للانبعاثات الناتجة من الغابات، وكذلك معالجة ونقل الكريات الخشبية”. قدرت دراسة أجراها “تشاتام هاوس” في عام 2021 أن انبعاثات محطة “دراكس” وصلت إلى ما يعادل 12.795 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون، إضافة إلى 1.699 ألف طن أخرى في إنتاج الكريات الخشبية (عبارة عن وقود حيوي مصنوع من ألياف الخشب المضغوطة، وتصنع في المقام الأول من المخلفات المتبقية من عملية نشر الخشب عندما تحول جذوع الأشجار إلى خشب ومنتجات خشبية أخرى ذات قيمة عالية).

ادعاء بريطاني

وقال الكاتب البريطاني بلهجة استهجان، “تخيلوا مدى سخافة الأمر، ازرع شجرة في بريطانيا وستحتسب ضمن أرصدة الكربون، إزالة الكربون من الهواء، ولكن قطع شجرة في الولايات المتحدة لا يحتسب من أجل أي شيء وهي تذهب إلى موازنة الكربون في الولايات المتحدة، بدلاً من موازنة بريطانيا”، واصفاً العملية بكونها قطعة من المحاسبة الإبداعية للكربون، التي ساعدت الحكومة البريطانية على الادعاء بأنها أول دولة تخفض انبعاثاتها الكربونية إلى النصف مقارنة بمستويات عام 1990.

وتابع روس بلهجة تهكمية، “لدي فكرة أفضل وهي أنه بدلاً من نقل الأخشاب من أشجار أميركا الشمالية إلى بريطانيا، لماذا لا ننقلها إلى وسط المحيط الأطلسي، كي تغرق في الأعماق اللاهوائية، وتحبس الكربون الذي استخرجته من الهواء أثناء نموها، وبعد ذلك، بدلاً من حرق الحطب، نحرق الغاز في محطات الطاقة لدينا”. وأضاف “ووفقاً للأرقام، ينبعث الغاز كمية أقل من ثاني أكسيد الكربون لكل وحدة طاقة، وهذا من شأنه أن يحدث الحد من انبعاثات الكربون العالمية حتى لو أثارت بريطانيا اتهامات رسمية زائفة”.

أضاف روس ساخراً “علاوة على ذلك، فإنه من شأن ذلك أن يقلل من تلوث الجسيمات لأن الغاز يحترق بشكل أنظف من الخشب، ويمكننا أن نترك الأشجار بمفردها حيث تنمو في أميركا الشمالية، وربما نجمع الأخشاب الميتة وندفنها في بيئة لاهوائية، وهذا من شأنه أن يقدم للكوكب خدمة كبيرة مقارنة بما نقوم به في دراكس”.




Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى