عالمي

وزير الزراعة اللبناني: عودة المنتجات اللبنانية إلى الخليج باتت قريبة

بعد القمة العربية في جدة، ساد التفاؤل أوساط القطاعات الإنتاجية اللبنانية. ففي أوساط كثير من المؤسسات الزراعية والصناعية، أمست “رحلة العودة” إلى أسواق الخليج العربي قريبة بفعل سياسة الانفتاح على المحيط، وتصفير الخلافات التي تنتهجها السعودية.

يتصل ما سبق بالقرار السياسي وتنظيم العلاقات الدولية، ولكنه لا يعفي من السؤال حول العوامل التي تمنح السلعة اللبنانية الجاذبية، بدءاً بجودة المنتجات، وقدرتها التنافسية مقارنة بالسلع المشابهة، وصولاً إلى عبء النقل في ظل إشكالية الترانزيت عبر الحدود السورية، ومروراً بالأزمات المتراكمة في قطاعات الطاقة، والجمارك، والمصارف.

الانفراج المقبل

وزير الزراعة عباس الحاج حسن الذي كان ضمن الوفد اللبناني إلى “قمة جدة”، تحدث عن حفاوة شعر بها أعضاء الوفد، مما يشي ببدء حقبة جديدة في العلاقة بين الدول العربية بفعل “الإرهاصات الإيجابية القادمة من قمة جدة التي شهدت عودة العرب إلى العرب، وعودة العرب إلى المسرح الإقليمي بامتياز”. وأعرب الحاج حسن عبر “اندبندنت عربية” عن تفاؤله لناحية عودة التبادل التجاري بين لبنان والسعودية إلى سابق عهده بعد تذليل بعض العقبات أمام انسيابية المنتج اللبناني نحو السوق الخليجية. ويتوسم الحاج حسن بفتح الأسواق الخليجية بشكل عام، والسعودية بشكل خاص أمام المنتجات الزراعية والصناعية اللبنانية ذات الجودة العالية باعتراف الاتحاد الأوروبي، معلناً عن زيارة قريبة إلى السعودية في السادس والسابع من يونيو المقبل (حزيران) للمشاركة في قمة منظمة أكساد Axad التابعة لجامعة الدول العربية في الرياض، حيث سيلتقي وزراء الزراعة العرب، وفي مقدمتهم نظيره السعودي للبحث في إمكانية عودة المنتجات الزراعية اللبنانية إلى الأسواق الخليجية.

مشكلات بالجملة

القرار السياسي غير كاف من أجل عودة المبادلات التجارية إلى سابق عهدها، حيث تعترض مجموعة من العقبات في وجه المنتج اللبناني. تأتي مشكلة الترانزيت في مقدمة المشكلات التي يفترض حلها، وكذلك تشكيك بعض الدول المستوردة بجودة ومواصفات السلع اللبنانية، وبروز منافسين جدد في الأسواق التي غاب عنها المنتج اللبناني، وتجاوز أثر تهريب الكبتاغون، الذي أساء إلى سمعة الشحنات الزراعية.

يتطرق الوزير عباس الحاج حسن إلى مشكلة الترانزيت عبر سوريا، حيث يفرض على الشاحنات اللبنانية المتجهة إلى الأردن والعراق رسم عبور يتراوح بين 1200 و1800 دولار أميركي، ويتفاوت بحسب المسافة التي تقطعها الشاحنة وحجم الحمولة، موضحاً أنه أثار الأمر في آخر زيارة له إلى سوريا، عندما شارك في القمة الرباعية التي عقدت في دمشق بمشاركة وزراء الزراعة من لبنان والأردن والعراق وسوريا “في حينه عبر الرئيس السوري بشار الأسد عن انفتاحه لمناقشة موضوع الترانزيت من سوريا إلى العراق فالكويت وباقي الدول العربية”. ويجزم الوزير اللبناني أن تخفيف الأكلاف على الترانزيت سيسهم في تعزيز القوة التنافسية للمنتج اللبناني”، مقترحاً “أن يبحث الملف مع الجانب السوري بشكل رسمي وبأخوة مطلقة”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الأسواق المفتوحة

يطمح الحاج حسن إلى عودة المنتجات اللبنانية إلى جميع الأسواق العربية بعد أن استمرت بالوصول نسبياً إلى الإمارات وقطر وسلطنة عمان، قائلاً “المستهلك العربي الخليجي مشتاق إلى المنتجات الزراعية اللبنانية، لأن الفواكه اللبنانية لها طعم ومذاق خاصان بسبب الطبيعة الفريدة”.

يرفض الحاج حسن كل ما يشاع عن عدم مطابقة المنتجات اللبنانية للمواصفات القياسية العالمية، حيث “نصدِّر آلاف الشحنات باتجاه دول العالم، ولا يسقط منها إلا واحد في المئة، وهذا دليل على حرص المزارع اللبناني، وخبرته في التسميد والأدوية، لكي لا يتسبب ذلك بترسبات كبيرة في المنتجات”، رافضاً “نتائج الأبحاث التي يصدرها بعض الباحثين من وراء مكاتبهم، لأن البضائع المصدرة من لبنان تخضع لتحليل عينات في أكثر المختبرات تطوراً، ودقة في النتائج”. وينوه “أثبتت الفحوص التي أجريت على الحشائش في سهل عكار خلوها التام من الكوليرا، وأعدنا تصديرها إلى قطر والخليج العربي، بعد أن ضرب تصريح سخيف ما قيمته ثلاثة ملايين دولار أميركي من الإنتاج الزراعي”.  

كما يلفت الحاج حسن أن السلعة اللبنانية “منافسة إلى أقصى الحدود في مجال التغليف، فالكرز العرسالي والعنب اللبناني يتصدران الواجهات في لندن، كما ننافس أفخر ماركات النبيذ في قلب العاصمة الفرنسية”. ويقر بأن “المنافسة أصبحت معقدة بفعل ظهور منتجين كُثر في منطقتنا، لذلك لا بد من تطوير الإنتاج اللبناني ليبقى في الأسواق”، مؤكداً أن “القطاع الزراعي يحارب في وقت لا تدعمه الدولة بأي شيء، ويبذل القطاع الخاص جهوداً مضنية لتحويل الأزمة إلى فرصة”.

الحصة المحلية

يثير الحديث عن تصدير المنتجات المحلية بعض المخاوف لدى المستهلك اللبناني محدود الدخل، حيث سيؤدي تراجع العرض إلى زيادة الأسعار، كما يمكن أن يؤدي التصدير من دون سقف إلى فقدان بعض المنتجات من السوق المحلية على غرار ما حدث مع الاختفاء المفاجئ للبصل، ووصوله إلى أسعار قياسية. يلفت الوزير عباس الحاج حسن عن ضرورة حفظ حصة السوق المحلية من الإنتاج الوطني، ويعقب على أزمة البصل، بأن بعض التجار قام بتصدير البصل لتأمين حاجات خمس دول مجاورة بسبب الفيضانات التي تعرض لها أكبر المصدرين في الهند وباكستان، معترفاً بوجود تقصير من قبل وزارتي الزراعة والاقتصاد، وتقصير كبير من قبل الجمارك اللبنانية التي كان عليها تنبيه الوزارات المعنية.

في القطاع الصناعي، لا يقل منسوب التفاؤل عنه في نظيره الزراعي. ويتمسك الصناعي فادي عبود (وزير أسبق للسياحة) أنه لن تقوم قائمة للقطاع الصناعي اللبناني إلا من خلال عودة لبنان إلى محيطه العربي، وأسواق الخليج التي تشكل تاريخياً الأسواق الأهم للصناعة اللبنانية، لافتاً إلى أن “بعض المصانع اللبنانية كانت قائمة على التصدير إلى الدول العربية، وتحديداً السعودية”، وهذا سيسهم في حفاظ 150 ألف شخص على وظائفهم.

يطمح عبود إلى إزالة جميع العوائق أمام عودة المنتجات اللبنانية أمام الأسواق العربية، والسعودية، بأسرع وقت ممكن، مشيراً إلى أن الصناعات التحويلية، الصناعات البلاستيكية، صناعة الألبسة، والأغذية، والمعلبات، ستستفيد أكثر من غيرها من الانفتاح المتوقع. ويستدرك عبود “لا يمكننا المنافسة في مجال صناعات الطاقة المكثفة، ولكن يمكننا التوريد لتلك القطاعات التي لا تتوافر صناعات متطورة في الدول المستهدفة بالتصدير لسد الحاجة”.

كلفة الطاقة

يؤكد فادي عبود عدم تأثير الدولار الجمركي على المواد الأولية للصناعة، لأنها معفية من الرسوم، ولكن هناك مشكلات عديدة، تتصل بتأمين قطع الغيار التي يجب أن تشملها الإعفاءات.

ويشدد أن تأمين الطاقة هو العقبة الأساسية في الوصول إلى “الصناعة التنافسية”، واصفاً إياه بـ”المصيبة الكبرى” التي تعتبر من الأغلى عالمياً، لذلك فإن “صناعات الطاقة المكثفة” عاجزة عن المنافسة الخارجية بسبب عدم إقرار تعرفة مخفضة للطاقة خارج ساعات الذروة، مما سيؤدي إلى عجز القطاعات التي تعمل في مجال صناعة الألمنيوم، وصناعة البلاستيك، وصناعة التدوير.

وعليه، فإن التعويل يبقى على قطاعات محددة من الصناعة من دون غيرها، على غرار صناعة الدواء، والغذاء، لأن أثر الطاقة على كلفتها ضئيل جداً مقارنة بصناعات الطاقة المكثفة المهددة بالإقفال وخسارة 50 ألف موظف لعملهم، لأنها تعاني بسبب غلاء طن المازوت، و”لولا تراجع أسعار المازوت إلى 650 دولاراً لما تمكنوا من التقاط الأنفاس”.

ماذا عن الشحن؟

لا تقل مشكلة الشحن أهمية عن تلك المتعلقة بتأمين الطاقة للصناعة. لذلك، يدعو عبود الرئيس الأسبق أيضاً لجمعية الصناعيين إلى حل مشكلة الترانزيت الأساسية في التصدير البري عبر سوريا لأنها أقل كلفة من النقل البحري، وهو على سبيل المثال سيؤدي إلى مضاعفة صادراتنا إلى العراق بمعدل 10 أضعاف ما هي عليه يوم خلال عامين. ويشير إلى أنه بسبب عدم تجديد الاتفاقيات مع سوريا، تبلغ كلفة الشحن من بيروت إلى بغداد نحو سبعة آلاف دولار أميركي، داعياً إلى سلوك النهج الذي اعتمدته الأردن التي تحاورت مع سوريا من أجل تخفيض رسوم العبور، “ولكن غياب الرؤية الاقتصادية لدى المسؤولين اللبنانيين يهدد استمرارية الصناعة”.   




Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى