انهيار أسهم أحد أكبر 10 بنوك في بريطانيا
اضطرت بورصة لندن إلى وقف التعامل موقتاً على أسهم “مترو بنك” بعدما هوت قيمتها بنسبة 29 في المئة، لتنهي المعاملات على خسائر بنسبة 23 في المئة.
وهوت أسهم البنك بنسبة 50 في المئة بالفعل الشهر الماضي منذ رفضت سلطات التنظيم المالي طلبه بخفض رأس المال الذي يحتفظ به في مقابل قروض الرهن العقاري التي يقدمها للعملاء عن الحد الذي تقرره السلطات وبنك إنجلترا “المركزي البريطاني”.
وانهارت القيمة السوقية للبنك التي قدرت في عام 2018 بنحو 3.5 مليار جنيه استرليني (4.2 مليار دولار) لتصل حالياً إلى نحو 60 مليون جنيه استرليني (72.7 مليون دولار) فحسب.
وبدأت مشكلات البنك في عام 2019 إثر فضيحة مخالفات محاسبية في أعماله وحساباته، ومنذ ذلك الحين لم يحقق البنك أرباحاً ربع سنوية سوى في الربعين الأخيرين هذا العام.
وتأسس البنك عام 2010 ليصبح أول مصرف جديد في بريطانيا منذ نحو 100 عام تقريباً، وقدم نفسه على أنه نموذج جديد لصيرفة التجزئة والأعمال يتحدى البنوك البريطانية التقليدية.
ومن بين إغراءاته لجذب العملاء وقتها أنه لن يغلق أعماله في عطلة نهاية الأسبوع، وأنه سيعمل سبعة أيام في الأسبوع.
ولدى البنك حالياً قاعدة عملاء تصل إلى 2.7 مليون شخص، مما يجعله واحداً من أكبر 10 بنوك في بريطانيا.
شكوك ومخاوف
ويواجه البنك مشكلة تمويل حتى يفي بالتزامات سندات دين مستحقة عليه إضافة إلى تعزيز التحوط تجاه بعض القروض المشكوك فيها.
وجاء انهيار أسهمه بعد تقارير صحافية تشير إلى أن البنك يحاول توفير تمويل بقيمة 600 مليون جنيه استرليني (727 مليون دولار) في هيئة قروض وأسهم.
ومع فتح البورصة صباحاً، تخلص المستثمرون من 1.6 مليون سهم للبنك، مما أدى إلى انهيار سعر السهم بالقدر الذي جعل نظام الأمان الإلكتروني في البورصة يوقف التعامل على السهم.
وكان رفض سلطات بنك إنجلترا طلب البنك المتعثر استخدام آلية البنك لضمان بعض القروض العقارية التي يقدمها “مترو بنك” أدى إلى إثارة الشكوك حول الوضع المالي للبنك، وهي المخاوف التي تأكدت مع بث شبكة “سكاي نيوز” تقريراً حول اتفاق البنك مع بنوك استثمارية لتأمين تمويل له بملايين الجنيهات أمس.
في غضون ذلك نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” خبر استدعاء رئيس البنك روبرت شارب من سلطات التنظيم المالي البريطانية إلا أن البنك نفى ذلك بعدها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحاول المصرف طمأنة المستثمرين فيه وحملة أسهمه ببيان أكد فيه أن وضعه المالي ليس في خطر وأنه يدرس خيارات عدة لتوفير تمويل لكنه لم يتخذ قراراً في شأن أي من تلك الخيارات بعد، لكن المحللين في السوق الذين تحدثت إليهم وسائل الاعلام البريطانية شككوا في إمكان حصول البنك على التمويل المطلوب في ظل أوضاعه الحالية.
ومنذ نحو خمس سنوات يشكك كثيرون في النموذج المالي المصرفي الذي يعتمده البنك في معاملاته، مما عزز المخاوف من أنه أكثر عرضة للأزمات، علاوة على أن هناك شكوكاً أيضاً حول ملاءته المالية وما إذا كانت كافية لتغطية القروض التي يقدمها، سواء القروض العقارية أو القروض للأعمال، وحتى لتغطية مدخرات عملائه.
ومع أن البنك لم يشهد بعد عمليات سحب هائلة للمدخرات وإغلاق الحسابات من المودعين، إلا أن انهيار أسهمه وقيمته السوقية إلى هذا الحد قد يدفع باتجاه هجوم سحب عليه لا يمكنه تلبيته في ظل تعثره المالي الحالي.
مع ذلك لا يتوقع عدد من الاقتصاديين والمحللين أن تنسحب أزمة “مترو بنك” على القطاع المصرفي البريطاني بأكمله وإن كانت مشكلات بنك “ناشيونال وستمنستر” (نات ويست) و”رويال بنك” أو “سكوتلاند” الأخيرة تثير المخاوف في شأن السلامة المالية لمصارف بريطانية.
“فيتش” تخفض
وعلى الفور خفضت مؤسسة “فيتش” للتصنيف الائتماني تصنيفها لديون “مترو بنك” لكنها لم تفعل الشيء نفسه للقطاع المصرفي البريطاني بالكامل.
وأوضحت الوكالة أن سبب خفض التصنيف هو القلق من قوة رأس المال وقدرة البنك على التمويل وأيضاً الشكوك في نموذج الأعمال الذي يعتمده.
في تلك الأثناء قال مدير الاستثمار في شركة “إيه جيه بيل” رس مولد في مقابلة مع “بي بي سي”، إن “متروبنك يحاول جاهداً منذ سنوات العودة لمسار الربحية، لكنه ارتكب كثيراً من الأخطاء”، مضيفاً “يبدو أن البنك لم يكن على دراية أصلاً يآليات العمل المصرفي الدقيقة”، متسائلاً “هل سيجد من يدعمه لتوفير السيولة”.
وتتركز مخاوف السوق الآن على قدرة البنك المتعثر على توفير السيولة، وإن كان بعض منهم يرى أن المساهمين الحاليين في البنك ربما لا يجدون أمامهم خياراً سوى زيادة مساهمتهم لتفادي انهيار البنك وضياع كل استثماراتهم، إلا أن ذلك الخيار أيضاً يبدو مشكوكاً فيه.
والأرجح أن تكون تلك مشكلة المساهمين في البنك ومقرضيه من حملة سندات الدين التي أصدرها، أما بالنسبة إلى عملاء التجزئة، فإن السلطات المالية البريطانية الرسمية تحمي المدخرات بحد أقصى 85 ألف جنيه استرليني (103 آلاف دولار)، بالتالي فكل عملاء “مترو بنك” الذين تقل إيداعاتهم لديه عن هذا المبلغ يضمنون استردادها حتى لو انهار البنك.