الصكوك وفرص تحسن عوائدها مستقبلا
الصكوك اليوم أصبحت أكثر جاذبية للاستثمار أكثر بكثير من ذي قبل لعوامل مختلفة، يمكن أن يكون أبرزها تخفيض القيمة الاسمية لها لتكون في متناول المستثمرين الأفراد، كما أن الطروحات الأخيرة وجدت إقبالا كبيرا وكان حجم ما جمعته أكبر من حجم ما تم طرحه، كما في الصكوك التي طرحها مصرف الراجحي مثلا، التي اكتتب فيها كثير من الأفراد، وسنلاحظ أنه وبعد التوزيعات الربعية التي ستتم خلال الفترة المقبلة وسهولة تسييلها دون تحقيق خسائر في الأغلب، سيكون الإقبال عليها وضخ مزيد من الاستثمارات من قبل المستثمرين الحاليين فيها أكبر، بل الأغلب الربح في مثل هذا النوع من الاستثمارات لانخفاض المخاطر.
ما الذي سيجعل الصكوك جذابة خلال الفترة المقبلة؟
الحقيقة أن أبرز ما سيجعل الصكوك جذابة أكثر خلال الفترة المقبلة هي الصعوبة التي يواجهها العالم في تخفيض نسب التضخم التي تستهدف الدول المتقدمة اقتصاديا ألا يتجاوز ما نسبته 2 في المائة، بيد أنه ما زال في الولايات المتحدة أعلى من النسب المستهدفة، وقد خالف في آخر إعلان التوقعات التي كانت تتوقع بلوغه 6.2 في المائة، في حين أن التضخم بلغ 6.4 في المائة، ما سيعيد التفكير كثيرا في مسألة معدلات الفائدة التي قد تأخذ وقتا طويلا إلى أن تعود إلى مسار الانخفاض، فالبعض يتوقع أنه وبعد الإعلان عن نسبة التضخم في الولايات المتحدة لكانون الثاني (يناير) يمكن أن يزيد الفيدرالي الأمريكي نسبة الفائدة، وبالتالي ستزيد التكاليف التمويلية على الشركات والسوق عموما، ما قد يؤدي إلى الانخفاض في قيمة الأصول مثل الأسهم والعقارات، عندها سيكون من المجدي بصورة أكبر الاستثمار في الصكوك لما تتميز به من أنها منخفضة المخاطر، إضافة إلى تحسن عوائدها خلال الفترتين الحالية والمقبلة مع الارتفاع المتوقع لأسعار الفائدة، الذي سيزيد من نسبة العوائد، كما أن الإصدارات يمكن أن تزيد خلال الفترة المقبلة لأن بعض المستثمرين قد يجد صعوبة في توفير السيولة من خلال الاكتتابات التي يمكن أن تتأثر بسبب ارتفاع الفائدة، وسيلجأ إلى أدوات أخرى منها الصكوك التي يمكن أن تعوض جانب النقص في الصعوبات التي يمكن أن تواجه قطاع التمويل، ونظرا إلى النمو في الناتج المحلي للاقتصاد في المملكة، فإن ذلك سيولد فرصا كبيرة للمستثمرين، وبالتالي ستكون هناك فرص كبيرة للتمويل خلال الفترة المقبلة، ما سيعزز من فرص الإقبال على الصكوك كأحد الخيارات المتاحة للتمويل التي يمكن أن تجمع الأموال بتكلفة أقل من أخذ التمويل من المؤسسات المالية كالبنوك وغيرها، وبقيمة أعلى مقارنة بما يمكن أن تقدمه البنوك، كما أن البنوك نفسها بدأت طرح الصكوك لتنويع مصادر السيولة لديها خصوصا مع كثرة الطلبات على التمويل وللتوسع في برامجها ومنتجاتها التي يمكن أن تقدمها لعملائها.
التحديات التي تواجهها الأسواق خلال الفترة المقبلة رغم ضخامة حجم السيولة في الأسواق وقدرة الأسواق على التماسك حتى بعد أسعار الفائدة، يمكن أن تتغير، حيث إن احتمالات الانخفاض أكبر من احتمالات الارتفاع، وتماسكها الحالي يعزوه البعض إلى التجارب السابقة لانهيارات الأسواق التي جعلت المستثمرين أكثر خبرة واحترافية في عملية إدارة عمليات البيع والشراء في هذه الأصول، بما لا يؤدي إلى خسارة كبيرة للأسواق وتضرر الكثير، كما أن المستثمرين الأفراد كذلك أصبحوا أكثر وعيا وتجربة، ودخول التقنيات المتقدمة مثل المستثمر الآلي، عزز من فرص تماسك الأسواق، إلا أن تدفق الاستثمارات الجديدة عليها أصبح أقل باعتبار أن الخيارات الأخرى ومنها الاستثمار في الصكوك، أكثر أمانا وجدوى من الاستثمار في الأصول، كما أن العوائد في كثير من مثل هذه الاستثمارات أصبحت أقل ربحية بعد ارتفاع تكلفة التمويل، وما سبق يعزز من فرص تدفق الاستثمارات بصورة أكبر على الصكوك خلال الفترة المقبلة، ويزيد ذلك من حجم الإصدارات التي ستستفيد من السيولة التي تبحث عن خيارات أقل مخاطرة.
من المهم إدراك أن الصكوك وإن كانت من الأدوات الأقل مخاطرة في عنصر الربح والعائد، إلا أن المخاطرة قائمة فيما يتعلق بملاءة الجهة المصدرة وقدرتها على السداد وتصنيفها الائتماني. حيث إنه بدأنا نشاهد أن منصات التمويل الجماعي بدأت طرح أدوات قريبة من الصكوك بعائد أعلى بكثير من العائد على الإصدارات في السوق المالية، وهذه الإصدارات تعد عالية المخاطر نسبيا، ولذلك ينبغي أن يكون المستثمر على وعي بذلك، حيث إن الصكوك ليست منخفضة المخاطر على الإطلاق.
الخلاصة، إن مشهد الاقتصاد العالمي يبدو أكثر ميلا إلى الهدوء في السوق، ويمكن أن ينتهي بعاصفة في ظل إصرار الفيدرالي على تخفيض نسب التضخم التي خالفت في يناير التوقعات، ما يعني أن مسار معدل الفائدة قد يستمر في صعود وقد تستمر المعدلات إلى نسب مرتفعة، ما يعزز تدفق الاستثمارات على الصكوك التي تستفيد من الارتفاعات في أسعار الفائدة.
Source link