أسعار الذهب ترتفع ورهان التجار على تراجع معدلات الفائدة
يتألق الذهب من بين باقي السلع في الأسواق. فالمعدن النفيس، والمرغوب، والموصل الكهربائي، المفيد – المفضل لدى الصاغة وصانعي حشوات الأسنان – يقترب من مستويات سعرية مرتفعة جداً.
لقد قفز سعر أونصة تروي من الذهب إلى ألفين و111 دولاراً تقريباً في التعاملات المبكرة، الإثنين – وهو مستوى قياسي – قبل أن ينخفض قليلاً، لكن الجدير بالملاحظة أن المال اليوم يساوي أقل بكثير من قيمته المسجلة خلال الجائحة، حين كان سعر الذهب مرتفعاً إلى هذه الدرجة للمرة الأخيرة. ولا يزال على سعر الذهب أن يرتفع أكثر حتى يصل إلى مستوى قياسي معدل وفق معدل التضخم.
قد يفعل. نظرياً، كان يجب على الذهب أن يفقد جاذبيته خلال دورة معدلات الفائدة الأخيرة. هو لا يقدم أي مردود. والواقع، ثمة كلفة تترتب على الاحتفاظ به على صعيد التخزين والتأمين. وتجعل معدلات الفائدة المرتفعة استثمارات أخرى أكثر جاذبية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن حين كانت مصارف العالم المركزية تضخ المال، أطلقت روسيا نزاعها الدموي في أوكرانيا، الذي أسهم كثيراً في التضخم الذي تسعى الزيادات في معدلات الفائدة إلى مكافحته. وفي وقت أقرب، اشتعل الشرق الأوسط نتيجة الأعمال الدموية التي نفذتها “حماس” في إسرائيل والرد الحتمي الذي أطلقته الأخيرة.
ولا يزال الذهب يحتفظ بوضع “الملاذ الآمن”، أي المكان الذي يسرع المستثمرون المتوترون ويختبئون فيه حتى تخف التوترات. للأسف، لا إشارة كبيرة إلى هذا.
من العوامل الأخيرة للارتفاعات التي يشهدها سعر الذهب أن التجار بدأوا يتوقعون من مجلس الاحتياط الفيدرالي أن يخفض معدلات الفائدة رداً على التراجع الذي جاء أسرع من المتوقع في معدل التضخم. وأثر ذلك تأثيراً ملحوظاً في الدولار، الذي يتراجع أمام سلة من العملات المنافسة.
يشرح مدير الاستثمار لدى “أي جاي بل”، روس مولد، قائلاً “إن سلع العالم كلها تقريباً مسعرة بالدولار. ويجعل الدولار الأضعف الذهب أكثر جاذبية/ وذا سعر يمكن تحمله، وتاريخياً، تربط السلع عموماً علاقة سلبية مع الدولار للسبب عينه”.
ستكون التخفيضات المحتملة في معدلات الفائدة مهمة جداً لأي شخص يبحث عن رهون عقارية أو قروض. فالمقترضون يتوقون إلى أي تخفيض في معدلات الفائدة.
لكن بنك إنجلترا يسعى تكراراً إلى لجم حماسة الأسواق. وكذلك يفعل مجلس الاحتياط الفيدرالي. بعيداً من التبشير بتخفيض في معدلات الفائدة، نبه رئيس المجلس جاي باول، الجمعة، إلى أن العمل على مكافحة التضخم ربما لم يستكمل بعد. وحذر قائلاً “سيكون من السابق لأوانه أن نستنتج بثقة أننا حققنا موقفاً مقيداً بما فيه الكفاية، أو التكهن بموعد تخفيف السياسة النقدية”.
ومع ذلك، يقول فيليب شو، كبير الخبراء في اقتصاد المملكة المتحدة لدى “إنفستك”، إن فريقه “مقتنع تماماً بأن المصارف المركزية ستضطر إلى البدء في تخفيض معدلات الفائدة في الربيع المقبل، إذ يبدو أن معدل التضخم ينخفض بسرعة أكبر مما توقعته المصارف المركزية”. ومع ذلك، هو لا يزال يشتبه في أن تحركات الأسواق الأخيرة “مبالغ فيها بعض الشيء”.
ربما يكون على صواب، هناك ثلاث حتميات في الحياة – الموت والضرائب والأسواق التي تفرط في إثارة يليها تصحيح.
لا تتوقعوا أية هدايا مبكرة بمناسبة عيد الميلاد من مجلس الاحتياط الفيدرالي أو لجنة السياسة النقدية المكلفة بتحديد معدلات الفائدة في بنك إنجلترا، من المرجح أكثر بكثير أن يسعيا إلى تخفيف إضافي لحماسة الأسواق مرة أخرى.
ومع ذلك، إذا كان شو على حق، وإذا استمر معدل التضخم في الانخفاض، بوسع المقترضين في الأقل أن يعقدوا آمالهم بعيد فصح سعيد.
هل هذا كله يعني أن زيادة أسعار الذهب ستفقد زخمها؟ ليس بالضرورة. من المؤسف أن أكبر نقطتين ساخنتين عالميتين لا تظهران أية إشارات إلى التهدئة في الأجل القريب. وإلى أن يحصل ذلك، سيستفيد الذهب من وضعه كملاذ آمن.
هل ينطبق الأمر نفسه الآن أيضاً على “البيتكوين”؟ لقد قفز سعر العملة المشفرة إلى أكثر من 40 ألف دولار. يقول مولد إنها تبدو “ربما ذهباً رقمياً في نظر البعض”.
ثمة فارق مهم بين الذهب و”البيتكوين”. يمكننا أن نترك الشرح للمستثمر الأسطوري وارن بافيت: “إذ طلبتم… في مقابل حصة تساوي واحداً في المئة في الأراضي الزراعية الأميركية كلها، أن أدفع لمجموعتكم 25 مليار دولار، سأصدر لكم شيكاً بالمبلغ بعد ظهر اليوم… سأملك بعدئذ واحداً في المئة من الأراضي الزراعية. إذا عرضتم عليَّ واحداً في المئة من الشقق السكنية كلها الواقعة في البلاد، وطلبتم 25 مليار دولار أخرى، سأصدر لكم شيكاً بالمبلغ، الأمر بسيط جداً. والآن، إذا قلتم لي أن أملك عملات (البيتكوين” كلها في العالم، وعرضتموها عليَّ في مقابل 25 دولاراً، فلن أقبل… لأنني لا أعرف ماذا سأفعل”.
لن ينتج الذهب مردوداً مثل الأراضي الزراعية أو الشقق التي قال بها بافيت، لكن الطلب عليه سيستمر دائماً. لا يمكنكم قول الشيء نفسه عن “البيتكوين”، لكن أشياء مشابهة قيلت عن العملة المشفرة ولم يبرد أي شيء حماسة المتحمسين للعملات المشفرة.